الأحدث

ما وراء الخبر-أبعاد أزمة المياه في العالم العربي

أبعاد أزمة المياه في العالم العربي
مقدمة الحلقة: فيروز زياني
ضيفا الحلقة:

  • فيصل طه/ مدير دراسات المركز الدولي للزراعات الملحية
  • سفيان عارف التل/ المستشار الدولي في شؤون المياه والبيئة
    تاريخ الحلقة: 7/11/2010
  • أسباب الأزمة المائية ومضاعفاتها الاقتصادية والاجتماعية
  • الإجراءات المطلوبة للحد من النقص وتلبية الاحتياجات

فيروز زياني

فيصل طه

سفيان عارف التل

فيروز زياني: وصف تقرير للمنتدى العربي للبيئة والتنمية حالة المياه في البلدان العربية بأنها حرجة وتتطلب عملا فوريا وحذر التقرير من أن العالم العربي قد يواجه ندرة حادة في المياه بحلول عام 2015 وأن الوضع سيزداد تدهورا في غياب تغييرات جذرية في السياسات والممارسات المائية. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما هو حجم الأزمة المائية التي يواجهها العالم العربي وما هي مضاعفاتها الاقتصادية والاجتماعية؟ وما هي الإجراءات المطلوبة للحد من تناقص المخزون المائي العربي وتلبية الطلب المتزايد على المياه؟… ناقوس خطر جديد دقه المنتدى العربي للبيئة والتنمية في تقريره الأخير الذي اختصر حالة الوضع المائي للبلدان العربية بوصفه بالنكبة المائية التي توشك أن تقرع أبواب العرب، تحذير قوي الغرض منه حث الحكومات العربية على وضع إستراتيجية لزيادة الموارد المائية وحماية مصادر المياه الموجودة من الاستخدام غير الرشيد.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: إذا كانت نكبة 48 قد سلبت العرب فلسطين فإن نكبة مائية وشيكة قد تهدد استمرارهم وأمنهم المعيشي في الصميم، كيف لا ودولتنا عربيتان فقط هما السودان والعراق ستكونان بحسب تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية فوق خط الندرة الحاد للمياه بحلول 2015؟ تقرير اختير له من العناوين “المياه إدارة مستدامة لمورد متناقص” أكد أن العالم العربي على شفا أزمة غذائية ومائية مظهرها الأكثر قسوة انخفاض حصة الفرد السنوية من المياه إلى أقل من خمسمئة متر مكعب بحلول 2015 حصة أقل بعشر مرات من المعدل العالمي، يبين التقرير أن 13 دولة عربية تقع بين الدول الـ 19 الأفقر مائيا في العالم وأن الكمية السنوية المتوفرة للفرد من الماء في ثماني دول عربية لا تتجاوز مائتي متر مكعب في حين تنخفض تلك الكمية إلى أقل من مائة متر مكعب في ست دول عربية. عوز مائي فادح مرشح بحسب التقرير لأن يتضاعف ليس فقط لأن كمية الأمطار ستتراجع بـ 25% مقابل ارتفاع بنفس النسبة في معدلات التبخر وإنما كذلك لقرون من الهدر المائي ورثتها الدول العربية التي أمعنت بدورها في سياسات غير علمية ولا ناجعة على هذا الصعيد، إخفاق يضع اليوم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في تلك البلدان على محك ندرة مائية تتزايد عاما بعد عام. النكبة تقرع الأبواب العربية لكن الفرصة لإيصاد تلك الأبواب في وجهها تبقى قائمة بحسب بعض البدائل المقترحة، مدير مركز علوم الفضاء في جامعة بوسطن الدكتور فاروق الباز قدم دراسة تلفت الانتباه إلى إمكانية استثمار المياه الجوفية التي ترقد منذ آلاف السنين في أحشاء الصحاري العربية، حل قد يكون أكثر نفعا وأقل كلفة وضررا بيئيا من تحلية مياه البحر وتلقيح السحب صناعيا طلبا لذهب لا لون ولا رائحة له لكن منه يجعل الخالق كل شيء حي.

[نهاية التقرير المسجل]

أسباب الأزمة المائية ومضاعفاتها الاقتصادية والاجتماعية

فيروز زياني: ومعنا في هذه الحلقة من دبي الدكتور فيصل طه مدير دراسات المركز الدولي للزراعات الملحية وكذلك معنا من عمان الدكتور سفيان عارف التل المستشار الدولي في شؤون المياه والبيئة ونبدأ معك دكتور سفيان، نكبة مائية على أبواب العرب، حتى نقرب الصورة للمشاهد ما الذي يعنيه ذلك بلغة الأرقام؟

سفيان عارف التل: يعني ماذا يمكن أن نقول إذا كان معدل استهلاك الفرد في العالم ستة آلاف متر مكعب في العام ونحن قاربنا أن نصل إلى خمسمئة متر مكعب في العام وفي بعض البلدان وصلنا أو سنصل إلى مائة متر مكعب في الماء؟! يعني هذا أننا لن نستطيع تقديم الماء لغايات الشرب أو لغايات الصحة أو لغايات الزراعة، يعني تدهور على مستويات متعددة في كثير من جوانب الحياة، لا أمن مائي ولا أمن غذائي ولا أمن صحي.

فيروز زياني: لا أمن مائي ولا غذائي ولا حتى صحي، أكثر من ذلك 13 دولة من بين 19 هي الأفقر مائيا في العالم، نريد أن نفهم -وأتحول هنا بالسؤال للدكتور فيصل- ما هي الأسباب، هل هي ندرة الموارد المائية في العالم العربي؟ هل هي ربما سياسة ترشيد خاطئة للاستهلاك أم غير ذلك؟

فيصل طه: شكرا جزيلا. أولا هنالك في أسباب طبيعية، منطقتنا تقع ضمن المنطقة الأكثر جفافا في العالم حيث أكثر من 70% من أراض قاحلة ومطر قليل وغير متوازن في التوزيع، السبب الآخر المهم جدا هو ازدياد السكان بشكل كبير، العالم العربي يزداد بحوالي 2 إلى 3% سنويا وإذا نظرنا إلى أرقام عام 1980 كنا حوالي 150 مليونا الآن في عام 2007 وصلنا إلى 325 مليونا وفي 2015 سوف يكون سكان العالم العربي حوالي 395 مليونا، طبعا هذه الزيادة في السكان معناتها زيادة على الطلب في المياه وبالتالي انخفاض في حصة الفرد، السبب الثالث كما تفضلت هو موضوع هدر المياه بشكل كبير في الزراعة والاستخدامات المنزلية والاستخراج المفرد للمياه الجوفية والسبب الرابع يعود طبعا إلى موضوع السياسات الإدارية والتشريعات الخاصة بالمياه بالتالي هنالك مجموعة أسباب عديدة جزء منها طبيعي لا حول ولا قوة لنا فيه لكن أعتقد الأسباب الهامة هي مشكلة زيادة السكان بشكل كبير في العالم العربي.

فيروز زياني: دعنا نتحول الآن للدكتور سفيان، كما ذكر الدكتور فيصل بأن ربما المنطقة العربية توجد منها مناطق شاسعة هي صحارى لكن ليس كل المنطقة العربية وهنا نريد ربما تشخيصا للحالة العربية وللوطن العربي المختلف في جغرافيته كما هو مختلف في كثير من الأمور، هل معنى ذلك بأن النسبة ربما تختلف من بلد لآخر؟ ماذا لو وضعت لنا خريطة توضيحية.

سفيان عارف التل: الخريطة التوضيحية حتى الأراضي القاحلة والصحارى هي نعمة وليست نقمة علينا إذا أحسنا استغلالها، فأولا هي أحسن موقع في الكرة الأرضية لسقوط الشمس وبالتالي نحن نستطيع التعويض عن النفط بالطاقة الشمسية وإذا أحسنا استغلال الطاقة الشمسية استطعنا أيضا أن نستثمر السليكا وهي أنقى سليكا على سطح الكرة الأرضية في عالمنا العربي بمعدل 99% وهي التي نصنع منها الخلايا الشمسية وبالتالي نستطيع بالطاقة الشمسية أن نحلي مياه البحر ونزرع الصحراء، العملية لا تحتاج..

فيروز زياني (مقاطعة): دكتور سفيان سنأتي إلى هذا المحور المتعلق بالحلول وسيكون المحور الثاني من حلقتنا هذه لكن نريد أن نفهم يعني إلى أي مدى باعتقادك السياسات الخاطئة، هناك من يتحدث أيضا عن عوامل أخرى وقد ذكر الدكتور فيصل العديد من الأمور، هناك من يتحدث عن التغير المناخي كعامل أيضا يمكن أن يساهم في جعل الأمور أكثر صعوبة في منطقتنا العربية مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات الأمطار.

سفيان عارف التل: بدون شك التغير المناخي يحتاج إلى تكيف مع هذا التغير والعالم العربي مدعو منذ زمن بعيد لإجراء الدراسات والسيناريوهات لكل التغيرات المحتملة ووضع الحلول المقترحة لها والعالم كله يسير في هذا الاتجاه ومعظم الدول تنبؤوا بسيناريوهات مختلفة، وهناك سيناريو آخر يقول إنه ممكن أن المناطق العربية تدخل في مناطق الرطوبة وغير ارتفاع درجة الحرارة يعني في حالة إذا ما توقف التيار المحيطي العظيم عن العمل ستبدأ الكرة الأرضية بالتعرض إلى عصر جليدي قد يصل إلى الجزيرة العربية وتصبح مناطقنا ضمن المناطق الباردة وليست ضمن المناطق الساخنة، كل هذه سيناريوهات يجب أخذها بنظر الاعتبار ووضع الحلول لكل سيناريو محتمل لا أن نقف متفرجين والأمور تجري من حولنا بتسارع عجيب.

فيروز زياني: دعنا نتحول الآن للدكتور فيصل وأنت الاختصاصي في المركز الدولي للزراعات الملحية دكتور فيصل يعني إلى أي مدى باعتقادك -حتى لا نحمل الطبيعة فقط المسؤولية- استخدام طرق عتيقة ربما لا تواكب التكنولوجيا الحديثة في الري مثلا بدوره قد يسهم في تفاقم هذه الأزمة؟

فيصل طه: هذا فعلا كلام صحيح لأن مشكلة كبيرة تواجهنا في العالم العربي هي موضوع الزراعة وموضوع هدر المياه لأننا إذا نظرنا إلى الأرقام نجد أن الزراعة لحالها تستعمل حوالي 85% من المياه العذبة والصناعة حوالي 7% والاستخدام المنزلي حوالي 8% وأيضا المشكلة الأكبر من هذه أن كفاءة الري في البلاد العربية حوالي 30% هذه مقارنة مع المعدلات العالمية اللي تبلغ حوالي 45 إلى 50% إضافة إلى هذه وطبعا دي يعني كانت مشكلة كبيرة أنه في عديد من الحكومات لما وجدت أن المياه المتجددة ليست كافية للزراعة لجؤوا إلى أسلوب آخر هذا الأسلوب هو استخراج المياه الجوفية وللأسف الشديد لما تم هذا العمل بالنسبة للمياه الجوفية كان هنالك هدر كبير جدا للمياه الجوفية لأن هذه المياه كانت بلا أي تسعيرة وطبعا كما هو معلوم كل شيء مجاني كل شيء لا قيمة له الناس تسيء استعماله وتهدره وبالتالي أنا أحمل موضوعين رئيسيين في نظري هما موضوع الإرشاد غير المنظم لاستخدام هذه المياه وأيضا عدم وجود تعرفة أو تسعيرة للمياه لأن كل مياه مجانية هي مياه ضائعة وأنا أعتقد هذا كان سبب كبير هو موضوع تسعيرة المياه وعدم وضع سياسات خاصة وتشريعات فيما يتعلق..

فيروز زياني (مقاطعة): أتيت على نقطة مهمة جدا دكتور فيصل، المياه التي تأتي مجانا ربما لا يقدر كثيرا الإنسان قيمتها مما يساهم في إهدارها وضياعها بكميات كبيرة، وبالتالي هنا نسأل هذه النكبة التي أشار إليها التقرير الآن كيف يمكن أن تنعكس على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لملايين البشر في منطقتنا العربية؟ والسؤال موجه للدكتور سفيان.

سفيان عارف التل: {..وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ..}[الأنبياء:30] هذه آية معروفة للجميع، الماء يلزمنا للأمن المائي كما قلنا لغايات الزراعة ولغايات الصناعة ولغايات الصحة ولغايات إنتاج الغذاء وكل هذه الظروف مفقودة لدينا الآن، نحن نستطيع أيضا البحث عن الماء ليس فقط في المياه الجوفية كما أشار الدكتور الباز إلى ذلك ولكن هناك شبكة من المياه قديمة هي مجموعة من الأنفاق تمتد مئات الكيلومترات تحت الأرض مبنية من زمن الرومان أواليونان وتصل إلى شمال الأردن مثلا من الجولان أو من جبل الشيخ أو من مناطق المزيريب هذه الشبكة نحن نتحدث عنها منذ أكثر من ثلاثين عاما ولا نجد السلطات التي تهتم بها، تحتاج هذه الشبكة أيضا إلى تصوير وترميم لنعرف من أين تأتي مصادر المياه بهذه الأنفاق، أنا ومجموعة من الأساتذة مشينا في أحد هذه الأنفاق حوالي كيلومترا والمياه ما تزال تسير فيه وبعض هذه الأنفاق جفت أو تحول مسارها، لماذا لا نعطي عناية لقضية أساسية كالمياه؟

فيروز زياني: لماذا؟ هذا هو السؤال، لماذا باعتقادك الحكومات العربية لا تتفطن إلى هذا الموضوع؟أين الخلل في ذلك؟

سفيان عارف التل: الخلل أن الاستثمارات لا تراعي الأولويات، لو أخذنا ما ينفق على التسلح في العالم العربي والسلاح غير المستعمل وأخذنا عشر هذه المبالغ وأنفقت هذه المبالغ على برامج المياه لاستطعنا أن نحل الأزمة منذ زمن بعيد ولكن الأولويات مفقودة، والتقرير أشار أيضا إلى السياسات التي تحتاج إلى إعادة نظر بالكامل والمشكلة تكمن في السياسات وبالإضافة للسياسات الاقتصادية والأخطاء القانونية والتطبيق في القانون وما شابه ذلك يعني المشكلة إدارية إلى حد بعيد في عالمنا العربي.

فيروز زياني: مشكلة إدارية إذاً وخاصة مع غياب -كما ذكر في هذا التقرير- سياسات حقيقية ربما لإيجاد بدائل لهذا النقص الشديد والنكبة المائية كما سميت، أتحول للدكتور فيصل هنا، لأنها نكبة مائية ولأنها كارثة مقبلة على العالم العربي في غضون خمس سنوات فقط من الآن، ما تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية باعتقادك على حياة المواطن العربي؟

فيصل طه: أعتقد حتكون هناك يعني للأسف تبعات صعبة وكثيرة جدا على المواطن العربي، أولا من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية حيكون هناك طبعا أنت لما المزارعون ما يكون في هناك كميات مياه كافية للزراعة وأيضا كميات للشرب وأيضا هذه كلها حتسبب طبعا مزيدا من الفقر وأيضا تسبب مشاكل صحية وبالتالي أيضا المشكلة الأكبر من هذه حتعوق من موضوع التنمية البشرية واللي هي طبعا هي أولوية لمعظم الدول العربية فبالتالي أنا أعتقد هذه المشاكل إذا لم يتم يعني حلول عاجلة وسريعة خلال خمس سنين القادمة، هناك بعض المقترحات المنتدى تعرض لها وإن شاء الله زي ما تحدثت لما نتحدث عن الحلول سنطرح هذه الحلول لكن نجد أن الآن الوضع الحالي وفي السيناريو الحالي إذا استمر حيقل الإنتاج الزراعي حيقل الدخل بالنسبة للمزارعين حيزيد الفقر بالنسبة للمزارعين حتتدهور الحالة الصحية لأنه في عدم وجود ماء..

فيروز زياني (مقاطعة): إذاً تداعيات عديدة، دكتور فيصل نرجو أن تبقى معنا كما نرجو أن يبقى معنا أيضا دكتور سفيان ورسالة واضحة جدا عالمنا العربي إذاً يواجه خطر نقص شديد في المياه وحتى الغذاء فما الذي ينبغي فعله لتلافي وقوع هذا الخطر؟ هذا ما سنتابعه في محورنا الثاني لكن بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

الإجراءات المطلوبة للحد من النقص وتلبية الاحتياجات

فيروز زياني: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي تناقش أزمة المياه في العالم العربي على ضوء تقرير حذر من نكبة مائية تهدد المنطقة العربية. ونعود للدكتور سفيان وكنت قد أثرت نقطة مهمة وقلت نتمنى لو كانت الحكومات العربية تولي اهتماما بالماء كما توليه للسلاح، يعني الموضوع هل يمكن تداركه؟ خمس سنوات تفصلنا الآن عن هذه الأزمة، ما الذي يجدر بالحكومات العربية فعله لتفادي هذه الكارثة؟

سفيان عارف التل: النقطة الأولى الموقف السياسي، دعيني أذكر بمجموعة السدود التي بنيت في تركيا عندما كانت مجموعة أتاتورك تحكم تركيا وأثر ذلك على العراق وكيف انهارت الأوضاع المائية في العراق وإلى أي مستوى وصلنا الآن هناك، الآن نحن مهددون بكارثة مشابهة وتفوق ذلك في حوض النيل حيث أن إسرائيل مدت خيوطا وطرقا وجسورا إلى دول منابع النيل وعقدت معها اتفاقيات وهي تخطط للسيطرة على مياه النيل وفرض إرادتها على أرض الكنانة وعلى السودان في هذا المضمار، يعني أن الوضع سيكون كارثيا إذا نفذت إسرائيل ولم يتحرك العرب ولم تتحرك السلطات المصرية لوقف هذا الهجوم، نحن نسير بهذا الاتجاه..

فيروز زياني (مقاطعة): أكثر من ذلك دكتور فيصل دعنا نتوقف فقط مع نقطة أيضا أشار إليها التقرير وهي أن ربما الكمية المحدودة من المياه أصلا التي تأتي إلى المنطقة العربية تأتي من خارج الحدود العربية، هذا في حد ذاته ألا يعد مصيبة ثانية؟

سفيان عارف التل: هناك اتفاقات دولية تحكم المياه التي تسيل إلى بلاد من خارج البلاد والدول العربية لم تحافظ على حقوقها الدولية في هذا المجال، مياهنا حتى في داخل بعض الدول العربية تفرض التصرف بها دولة كإسرائيل مثلا وتسرق مياهنا ولم نشاهد مواقف حازمة لاسترجاع حقوقنا في هذا المجال! لا يجوز الصمت والسكوت وأن يكون القرار المائي في داخل بلادنا خاضعا لضغوط خارجية من دول خارج المنطقة العربية، هذا الحد الأدنى المطلوب من الساسة العرب أن يتصرفوا به.

فيروز زياني: إضافة إلى هذه السياسات المطلوبة الآن هناك حلول علمية أيضا كذلك الاقتراح الذي طرحه الدكتور فاروق الباز في الواقع في هذا المؤتمر تحدث عن دراسة حول اكتشاف المياه الجوفية في الصحارى العربية من الصحراء الإفريقية الممتدة في شساعتها وحتى وصولا إلى صحراء الربع الخالي، ما مدى إمكانية الاستفادة من هذا المقترح؟ وأتوجه بالسؤال هنا للدكتور فيصل، هل هو قابل للتطبيق؟

فيصل طه: طبعا الدكتور فاروق الباز وجامعة بوسطن طبعا عندهم إمكانيات هائلة فيما يتعلق بالتصوير وأعتقد من هذه الدراسات التي طرحها الدكتور فاروق في المنتدى هنالك فرصة كبيرة جدا لهذه، هناك كميات كبيرة جدا لهذه المياه ولكن يبقى موضوع العامل الاقتصادي وكيفية التكلفة لهذه المياه لاستخراجها لأنه أحيانا حتى إذا كانت هنالك مياه موجودة في هذه الصحاري ونحن ندري الآن لقد ثبت من هذه الدراسات وجود هذه الكميات الكبيرة لكن طبعا العامل الاقتصادي حيكون هو يمكن العامل الرئيسي في..

فيروز زياني (مقاطعة): وهذا تحديدا ربما ما نود الوقوف عنده، قد يقول قائل بأن تكلفة مثل هذه الدراسات الحديثة هي مرتفعة لكن أحد المشاركين في إعداد التقرير بأن هناك من الحلول ما لا يتطلب مبالغ طائلة وأن ممارسات سليمة مثل تجميع مياه الأمطار للاستفادة منها بإمكان حدوث ذلك هي إمكانيات بسيطة وسهلة واقل كلفة، لماذا إذاً حكوماتنا العربية تعجز أيضا عن ربما سلوك هذا المسلك واعتماد مثل هذه التقنيات البسيطة وقليلة الكلفة؟

سفيان عارف التل: منذ أكثر من عشرين عاما ونحن نقدم دراسات للمسؤولين عما سميناه بالحصاد المائي، تسقط كميات هائلة على الصحارى والبوادي العربية وتسيل وتشكل سيولا جارفة تزيل بعض القرى أحيانا، نستطيع إقامة مئات أو آلاف الحواجز المائية البسيطة وهذه الحواجز تستطيع أن تجمع بركا مائية تغذي المياه الجوفية وتخضر الصحراء وتربي الماشية ونستطيع أن نتغلب على كثير من المشاكل بواسطتها، لماذا لا ينفذون؟ سؤال مهم جدا، ما هي أولوياتهم؟ سؤال يجب إعادة النظر فيه، الحكومات التي لا تجيد ترتيب الأولويات ولا تعرف أن الماء هو الأولوية رقم واحد حكومات يجب ألا تكون في الحكم، هذه قضية بديهية آن الأوان أن نسلم بها.

فيروز زياني: نعم، دعني أتحول..

سفيان عارف التل: المياه الأخرى..

فيروز زياني: نعم أتحول بسؤال ربما أخير للدكتور فيصل وقد أشرت إلى نقطة مهمة منذ قليل وهي أن المياه المجانية هي مياه عرضة للسكب والهدر إن صح التعبير، وبالتالي هنا السؤال يعني ما الإصلاحات المطلوبة على مستوى القوانين والتشريعات من قبل الحكومات التي انتقدها الدكتور سفيان منذ قليل؟

فيصل طه: نعم أعتقد هذا سؤال هام جدا والحقيقة للأسف الشديد الحكومات دائما اتخذت الطريق السهل عندما يأتي موضوع تأمين الاحتياجات من المياه كان كل التركيز هو حلول هندسية خاصة بالإمدادات المائية أو يسمونها (السب لايمانجمن) من خلال مشاريع باهظة التكاليف، نحن لا بد يكون في تحويل في هذه التشريعات إلى ثقافة إدارة الطلب بمعنى آخر نحن لا بد من التركيز في موضوع تحسين الكفاءة وتخفيف الهدر بدلا من إمدادات جديدة، الحكومات دائما تتخذ كلما هنالك عجز في المياه، ما هو الحل لهم؟ عبارة عن إمدادات جديدة للمياه وطالما هذه الإمدادات موجودة وبدون تشريعات يحصل الهدر لكن نحن نقول لا بد أن تعود الحكومة وتأخذ الطريق الصعب وهو إدارة الطلب. الشيء الآخر اللي أيضا هام جدا من الحكومات ولازم..

فيروز زياني: باختصار رجاء.

فيصل طه: ولازم تقوم فيه اللي هو موضوع السياسات الزراعية الحالية، لا بد من أن نعمل يكون في حوافز اقتصادية للمزارعين وكما ذكر الدكتور سفيان بدل أن تذهب هذه الفلوس إلى التسليح وخلافه نحن نقول لا بد أن تقدم حوافز للمزارعين لإقناعهم بتحسين كفاءة الري وأيضا تغيير أنماط المحاصيل والتحول لمحاصيل وأنشطة زراعية ذات قيمة مضافة، نحن أعتقد إذا حصل هذا التحول عند المزارعين واهتمامهم بمحاصيل تستخدم مياها أقل وري ذو كفاءة حنستطيع يمكن يعني نستفيد..

فيروز زياني (مقاطعة): أن نتجنب تلك النكبة المائية خلال خمس سنوات، أشكرك جزيلا الدكتور فيصل طه مدير دراسات المركز الدولي للزراعات الملحية كما أذكر ضيفنا من عمان الدكتور سفيان عارف التل المستشار الدولي في شؤون البيئة وبهذا تنتهي هذه الحلقة مشاهدينا من برنامج ما وراء الخبر، السلام عليكم.