الأحدث

الكونفدرالية ليست مع الأردن ولكن فوق أشلاءه

  د. م. سفيان التل

نعم فوق أشلاء الأردن وليس معه. فالأردن الرسمي بعلمه أو بجهله، باستغفاله أو بتواطؤه كان وما زال ظالعا في الإعداد للوصول إلى الكونفدرالية كما طرحت منذ عام 1984.

  لنبدأ ببعض المسلمات، فنحن لا نستطيع أن نقفز عن أن الأردن الرسمي مدمن على قلب الحقائق وتضليل الشعب منذ زمن طويل، ليفاجئ الشعب بعد أن تتكشف الحقائق المرة، بأن الظروف كما يقولون قد تغيرت وليس بالإمكان أحسن مما كان. ولنعيد التأكيد على هذا النهج الرسمي الاردني في قلب الحقائق ما نشرناه قبل أيام حول تصريحات وزير الاعلام السابق والناطق الرسمي باسم الحكومة حين أكد عدم وجود قواعد عسكرية أجنبية في الأردن، متغافلا أو متناسيا الإرادة الملكية المنشورة في الجريدة الرسمية بقوننة القواعد العسكرية الأمريكية في الأردن، وقافزا عما نشرته الصحافة الأردنية والعربية والعالمية عن تبادل إطلاق النار والقتلى ولجان التحقيق في القواعد العسكرية الامريكية في الأردن. ومتناسيا الإعلان في الصحف الأردنية، والذي اضحك المجتمع الأردني، حيث أعلن في صحيفة اردنية عن وظيفة كوافير للعمل في القاعدة العسكرية الأمريكية في الأردن.

وقياسا على ما سبق فلنعد إلى الكونفدرالية، فقد نشرتٌ عام 2012 أي قبل ستة أعوام مقالا مختصرا جدا: وهذا هو العنوان والنص الكامل:

“الكونفدرالية

أو دمج (إسرائيل) في المنطقة

أيها الفلسطينيون…. أيها الأردنيون….

منذ عدة سنوات ونحن نكتب ونحاضر ونتحدث لكم ونقول: إن الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية قادمة. وهي الصورة الحقيقية لتصفية القضية الفلسطينية، ودمج (إسرائيل) في المنطقة والآن بدأ التنفيذ…. فماذا أنتم فاعلين…؟  هل ستصفقون لهذا الانجاز…؟

تذكروا ما أقول: بعد أن يتم إقامة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية، ستنضم (إسرائيل) لهذه الكونفدرالية لتصبح هي الدولة المركز، ويدور في فلكها سلطة فلسطينية وأردن مفكك إلى أقاليم.

لا تنسوا أن ما نبهنا إليه مرارا، من طرحهم تفتيت الأردن إلى أقاليم، قد تراجعوا عنه لكسب الوقت، وحولوا الطرح إلى اللامركزية.  وقد بدأوا التنفيذ بموازنات للمحافظات والوعود بوظائف تصرف الانتباه عن خطة دمج (إسرائيل) في المنطقة وسيطرتها عليها.

أغبياء السياسة الاردنية ينفذون هذه الجريمة.”

كيف سيتم تهيئة الأجواء في الأردن وفلسطين للكونفدرالية؟

في الاردن

  بدأ الأردن رسميا التنفيذ عام 2005 فكانت الخطوة الأولى عندما تشكلت “اللجنة الملكية للأقاليم” برئاسة رئيس مجلس الأعيان ورئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي. وضمت اللجنة عددا من رؤساء الوزارات والوزراء السابقين. وكان الهدف تقسيم الأردن إلى أقاليم سياسية. وتعرضت اللجنة في حينها لهجوم وحملة إعلامية مركزة على هذا التوجه وكشف أبعاده. ووصف المشروع بأنه مشروع يلفه الغموض ويعتبر جزء من تصور لحل إقليمي للقضية الفلسطينية، كما أنه لم يسبق أن قامت لجنة ملكية بوضع تصور لقضية عامة. وأبقت الحكومة عمل اللجنة طي الكتمان، وأدى ذلك إلى التراجع عن الأمر لامتصاص النقمة. وتم تجميد الموضوع مؤقتا. ثم أعيد بعثه مجددا باسم اللامركزية، وسُن قانون اللامركزية، وقسّم الأردن بناء على ذلك الى أقاليم سياسية، وجرت انتخابات تدنت فيها نسبة المقترعين بشكل ملفت للنظر. وتشكل لكل إقليم مجلسين أحدها “منتخب” والآخر معين، وحتى هذا التاريخ لا يعرف أي من أعضاء المجلسين ما هو الدور المطلوب منه، وخاصة أن كثيرا منهم ما زالوا يطالبون بتعريفهم بالمهام المطلوبة منهم.

أما نحن فقلنا وما زلنا نقول أن تفتيت الأردن إلى أقاليم وبيع مفاصل بنيته الأساسية، وتهميش واقصاء مفكريه وقواه الوطنية الفاعلة، وافقار وتجويع شعبه، واختلاس أمواله العامة ومديونيته، ليست إلا تهيئة الأجواء اللازمة لدمج الأقاليم شرقي النهر مع ما تبقى من الضفة الغربية المفتتة أصلا، وبعد أن يتم تهيئتها للكونفدرالية، ومن ثم مع الكيان الصهيوني المحتل، ليكون هناك دولة واحدة قوية تسيطر على كنتونات مبعثرة ليس فيها جيش ولا حكومة وتكتفي ببوليس وأمن مسلح بالعصي فقط كما طالب عباس بذلك. شكرا لعباس الذي بق الحصوة وكشف الملف الذي بين يديه وتستر علية ردحا طويلا من الزمن.

الأردن الآن وبعد أن بيعت كافة عناصر الدولة فيه وتم تفتيته رسميا وقانونيا، وبلا قتال، إلى كنتونات هزيلة بمسمى اللامركزية، سينظم إليها كنتون جديد عابر للحدود هو الكنتون الدرزي، والذي يتم الآن إعداد البنيان الأساس له والتحضير إعلاميا له من التلفزيون الإسرائيلي وبعض المحطات العربية والاعلام الاردني، وسوف يشمل أزرق الدروز في الأردن وسويداء الدروز في سوريا وكل من دروز القنيطرة والجولان ومن يتواجد منهم في الجيش الإسرائيلي. هذا إذا لم يقاوم مقاومة شرسة من ورثة سلطان باشا الأطرش. ولعل التفجيرات الأخيرة في السويداء والتي ذهب ضحيتها مئات القتلى أحد المؤشرات على ما نقول.

في الضفة الغربية

  سيتم تهيئة الضفة في هذا المساق بإنهاء آخر مظاهر الدولة أو السلطة، ليتم التعامل مع مجموعات سكانية مبعثرة ليس لها حكومة وليس لها جيش وليس لها حتى سلطة.

في العام الماضي 2017 وحسب صحيفة معاريف قدم رجل الموساد الإسرائيلي عمانوئيل شحاف إلى الإدارة الامريكية خطة الفيدرالية كبديل لحل الدولتين.

وتتلخص الخطة بتقسيم أراضي فلسطين إلى ولايات أو كنتونات ويكون لها قدر كبير من الاستقلال في إدارة شؤونها الداخلية وتستمر في دولة إسرائيل، فالجيش هو الجيش الإسرائيلي، والبرلمان هو الكنيست، والعلم والنشيد هما علم ونشيد إسرائيل، وتكون اللغتان العربية والعبرية هي اللغات الرسمية. وسيتم تفكيك السلطة الفلسطينية قبل تطبيق الفدرالية، وسيسري القانون الإسرائيلي على كل من مناطق “يهودا والسامرة” الضفة الغربية وغور الأردن بالاتفاق وإبقاء السكان اليهود في المنطقتين.

بعد ان يتم ذلك تكون السلطة قد انتهت ورحلت إلى غير رجعة، وجاء دور “المنظمات غير الحكومية” NGOS والتي تم تأسيسها وتمويلها وتدريبها أمريكيا وأوروبيا منذ عدة سنوات، وتعد بالمئات وسيعهد إليها إدارة الكنتونات التي تأسست ونمت وتوسعت فيها وبنت علاقاتها الوطيدة مع سكانها من خلال تقديم المساعدات والمعونات لها. وبالتالي سيكون هناك شكل جديد من اشكال الحكم الذاتي تم تفصيله خصيصا لتصفية القضية الفلسطينية.

وهكذا ستلتقي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية مع اللامركزية الأردنية، وسوف تستمعون عندها لتصريح رسمي أردني” ليس بالإمكان أحسن مما كان.

بهذا آمل الآن أن أكون قد أجبت على السؤال المطروح كونفدرالية مع من…؟ فأقول إنها ليست مع الأردن ولكنها فوق أشلاءه.

عمان 6-9-2018
رابط المقال: هنا