التل: الأجهزة الأمنية تدير الأردن
السبيل- الأربعاء، 06 تموز 2011 .
قال الناشط السياسي الدكتور سفيان التل إن “هناك شبه إجماع، بأن البلاد كانت وما زالت تدار بنظام الحزب الواحد، حزب الأجهزة الأمنية الذي احتكر السلطة ومزاولة العمل السياسي والإداري، ولم يسمح لأي مفكر أو ناشط أن يدخل هذا القطاع”.
وأكد التل في ورقة قدمها خلال حلقة نقاش حول الإصلاح السياسي في الأردن نظمها منتصف الأسبوع مركز دراسات الشرق الأوسط، وأدارها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، وحملت عنوان “المطالب الشعبية في الإصلاح” أن التشخيص الحقيقي والصحيح للداء يعتبر أهم عنصر من عناصر العلاج ووصف الدواء.
وأشار إلى حرمان أبناء الأمة الوطنيين من فرصة اكتساب الخبرة في العمل السياسي، واختصارها على الأجهزة الأمنية والعاملين تحت مظلتها، والمتلقين لتعليماتها بحسب التل.
وتابع: “لجأت هذه السلطات إلى إرهاب حقيقي لكافة فعاليات الأمة التي لم تستسلم لبرامجها ومخططاتها، فلاحقتهم في التعيين والعمل والوظائف والترفيعات والرواتب والتعلم والتعليم والعلاج والتقدم في العمل وتحقيق الطموحات”.
وأضاف التل: “حتى الذين هربوا من العمل في القطاع العام تجنبا لهذه الملاحقات، لاحقوهم في القطاع الخاص وحاربوهم في أعمالهم وأرزاقهم وتراخيصهم واستثماراتهم”.
وقال التل: “نجحوا في تدريب وفرض فئة من السياسيين على نهج أمريكي مبرمج؛ لمزاولة الخصخصة، ولكنهم في حقيقة الأمر باعوا باسم هذا التوجه كل مقدرات الأمة وبنيانها الأساس، ولعل ذلك كان برنامجا معدا بعناية للعمل على تصفية الأردن وفككته بعد تجريده من مقومات الدولة، كجزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
ووفق التل، استهدف المجتمع لخلخلة بنيانه وتماسكه وتم تشجيع وتحشيد التوجهات الإقليمية والعشائرية والجهورية والطائفية وما دون ذلك، وأنشئوا لها مدارس وبرامج ومنفذين.
وأشار إلى استهداف قطاع التربية والتعليم والجامعات التي تحولت إلى مسارح لتنفيذ هذه التوجهات، وكذلك النقابات والجمعيات وهيئات المجتمع المدني، وكل أشكال التنظيمات الوطنية، واستعيض عنها بالتنظيمات المبرمجة والممولة والمدعومة خارجيا.
ولفت التل إلى “استبعاد المفكرين والمخططين والإصلاحيين وقادة التنظيمات الشعبية والوطنية الذين تمت ملاحقتهم، واستعيض عنهم بفئات متهافتة، وتنظيمات للحزب الواحد، التي تلقت بدورها كل أشكال الدعم الداخلي والخارجي، وفتحت لها الأبواب للجلوس في مواقع القيادة واتخاذ القرار الذي غالبا ما يأتيها جاهزا للتوقيع”.
وأكد أن التحركات والفعاليات الشعبية أخذت تتحدث عن حقوق وليس مطالب، وعن انتزاع الحقوق وليس المطالبة بها.
وحدد التل أولويات للإصلاح تتمثل بضرورة رفع يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجامعية والنقابية والإعلامية والثقافية والمدنية وحلّ كافة التنظيمات والأحزاب التابعة لها أو التي تعمل بتوجيهاتها وتمويلها ودعمها.
وطالب بحلّ نظام الحزب الواحد وكافة تشكيلاته التي تعمل في الخفاء، وعودة هذه الأجهزة إلى دورها الطبيعي في خدمة الوطن وحمايته.
ومن أولويات الإصلاح، وفق التل التأكيد على عدم مشروعية البرلمان الحالي وحله وإقالة الحكومة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني لا تضم أيا من رموز الفساد، لتتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية، تؤسس لتشكيل مجالس شعبية وطنية انتقالية تضع الأسس والأطر اللازمة لتعديل الدستور، وإنشاء محكمة دستورية، وإقرار قانوني أحزاب وانتخاب يتم التوافق عليهما وطنيا.
ودعا إلى عقد مؤتمر وطني حقيقي، يضم الرموز الحقيقية لهذا الوطن، ويعمل لإقرار الدستور وإنشاء محكمة دستورية، وقانوني الانتخابات والأحزاب، لتشكل هذه جميعها إستراتيجية وطنية حقيقية تعمل على تنمية المستقبل السياسي للأردن، وإعادة سيطرة الدولة على مواردها وقطاعاتها الأساس، واستعادة ما تم بيعه من ثروات ومؤسسات وشركات القطاع العام، وأراضي الدولة وكل ما ترتب على بيعها وتفويضها لغير المستحقين.
وأشار التل إلى أولوية فتح كافة ملفات الفساد، وتحويلها إلى القضاء الأردني العادل، وليس إلى أي جهة أخرى ترتبط بالسلطة التنفيذية، مطالبا بمحاكمة المسئولين، واسترداد الأموال المنهوبة، وإلغاء كافة الخطوط الحمراء والحصانات التي يتستر خلفها كبار الفاسدين.
كما طالب بإبطال معاهدة وادي عربة، وكل ما ترتب عليها من مشاريع إقليمية مع العدو الصهيوني، والتأكيد على أن للأردن عدوا مركزيا واحدا هو العدو الصهيوني، وإعادة بناء قدرات الأردن القتالية.
ودعا إلى وضع خطة إنقاذ وطني للنظام الجامعي والتعليمي والتربوي، تتضمن مجانية التعليم في كل المراحل، بالإضافة إلى رفع كافة التحفظات الموضوعة على تأسيس نقابة المعلمين، وعلى رأسها حرمانهم من التدخل في السياسة التعليمية.
ولفت التل في سياق عرض أولويات الإصلاح إلى أهمية إعادة النظر بالهياكل الإدارية للدولة وإرساء قواعد المساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات لكافة الأردنيين، مبنية على الكفاءة وليس المحسوبية أو الولاء.
وطالب بوقف التحشييد الإقليمي والجهوي والطائفي بين شرائح الأمة، وإثارة بعضها على بعض، وتجريم كل من يثير الفتنة الإقليمية والجهوية والطائفية.
دعا إلى تأسيس اتحادات ديمقراطية على مستوى الأردن للشباب والطلاب والعمال والزراعيين بعد رفع يد الأجهزة الأمنية عنها.
وطالب التل كذلك بإنهاء كافة أشكال التعاون الأمني الإقليمي والدولي تحت ما سمي بـ”مكافحة الإرهاب”، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفيات غير جنائية مثل معتقلي معان ومن اعتقل بتهمة مجابهة العدو الصهيوني، والاحتلال الأمريكي في العراق.
وأكد أن هذه الأولويات تبقى الطريق الضامن والآمن لبناء دولة مدنية حديثة، قائمة على الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث، بما يمنع تغول السلطة التنفيذية أو أي فرد على السلطتين التشريعية والقضائية، وللتداول الحقيقي على السلطة، وعدم احتكارها من أي جهة كانت.
ووفق التل، فإنها تضمن سن قوانين وتشريعات ديمقراطية للانتخابات والأحزاب وقوى المجتمع المدني وتطويرها حسب مستجدات العصر، وتضع حدا للتغول على المال العام، وتضمن ملاحقة الفاسدين وتقديمهم للقضاء، واسترداد أموال الأمة.
وقال إن هذه الأولويات تضمن هوية الأردن العربية وفك التبعية، ومواجهة الخطر الصهيوني، وتعزز ثقافة المواطنة والمساواة والعدالة، والتحرر من الخوف.
السبيل- الأربعاء، 06 تموز 2011 .