الأحدث

“يوميات سفيان التل”.. توثيق لمفاصل ومحطات تاريخية

عزيزة علي – جريدة الغد

عمان – ناقش أكاديميون أول من أمس، كتاب “يوميات سفيان التل 1954 – 1965م”، الصادر عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، الذي قام بتحريره وتحقيقه الدكتور عبدالله مطلق العساف.

وشارك في حفل التوقيع كل من الأكاديميين: د. علي محافظة، د. عبدالله العساف، وأدار الحفل عبدالله حمودة.
أشار الدكتور علي محافظة إلى أنه قرأ يوميات الدكتور المهندس سفيان التل خلال سنوات دراسته بتأن واهتمام. وهي يوميات دارت أحداثها في إربد بين سنتي 1954 و1956، وفي مصر العام 1956، وسورية في العام 1957، وفي ألمانيا الاتحادية بين سنتي 1962 و1965.
وأضاف محافظة أن يوميات إربد، كانت غنية بالأحداث والمغامرات والمشاكسات مع إدارة مدرسة إربد الثانوية، حيث ألقت هذه اليوميات أضواءً كاشفة على نشاط وفعاليات الأحزاب السياسية في الأردن، التي نشأ معظمها في أعقاب نكبة فلسطين العام 1948.
وقال محافظة: “إن اليوميات اشتملت على أحداث العام 1956، وأهمها تعريب قيادة الجيش الأردني وإعفاء قائده البريطاني جون باجت كلوب من منصبه في الأول من آذار (مارس) 1956، والفرحة الشعبية الأردنية التي رافقت هذا الحدث المهم، ولا سيما الأغنيات، الأناشيد الوطنية، الدبكات والرقصات الأردنية التقليدية”.
وأضاف محافظة، تتضح من هذه اليوميات رهافة الحس الفني لدى سفيان في وصفه للمناظر الطبيعية الخلابة، حيث كان قلمه سيّالًا في التعبير عن إعجابه بما شاهد من جبال وأنهار وبحار خلال سيرته كطالب. وكانت روح الشاعر ترافقه أينما حل وارتحل. ولا أدري إذا كانت قصائده الواردة في يومياته تؤلف ديوانًا جديرًا بالنشر، لكن على أي حال، كان حريصًا على حمل كاميرته في رحلاته وجولاته، وتصوير ما يشاهده ويثير إعجابه.
ونوه محافظة إلى أنه لم تتح له الفرصة للتعرف إلى الطالب سفيان التل في مدرسة إربد الثانوية، وإنما تعرف إلى قريبه المرحوم عز الدين نيازي التل، الذي كان من زملائه وأصدقائه الذين دامت صداقتهم بعد تخرجه في إحدى الجامعات البولندية، في تخصص هندسة الميكانيك وعمله في عمان. كما تعرف إلى سفيان طالبًا نشيطًا في جامعة آخن في ألمانيا الاتحادية بين سنتي 1962 و1965، حيث كان هو موظفًا دبلوماسيًا في السفارة الأردنية في العاصمة الألمانية المؤقتة بون. وكانت لقاءاتهما كثيرة في بون وآخن، وكثيرًا ما سافرا معا إلى هولندا، حيث قضيا ليالي جميلة في بلداتها القريبة من الحدود الألمانية، كما سافرا معًا إلى باريس وقضيا فيها ليلتين ويومين. 
وخلص محافظة إلى أن د. سفيان كان ودودًا لطيفًا وصديقًا وفيًا، والحديث إليه والحوار معه ممتعً ومفيد. وكان كريمًا سمحًا، واسع الصدر، يثير الإعجاب بدماثته وتواضعه ومحبته لرفاقه وأصدقائه. وهو رجل جدي وعقلاني، لديه القدرة على التجديد والإبداع، نشيط ومحب للمغامرة واكتشاف المجهول. لقد أجاد سفيان في التعريف بأقربائه من آل التل بعامة، والمثقفين منهم بخاصة. وكان منصفًا في ما كتبه عنهم. مبينًا أن هذه اليوميات تقف عند سنة 1965، ولا يعرف إن كانت لديه يوميات للسنين التالية. وتمنى لو أنه واصل كتابة يومياته بعد أن حصل على الدكتوراه في الهندسة وعمل في أجهزة الدولة الأردنية.
من جانبه، تحدث د. عبدالله العساف عن اختلاف اليوميات عن المذكرات والسيرة قائلا: “تختلف هذه اليوميات عن المذكرات أو السيرة الذاتية، كونها تمثل فعل كتابة يومي يوثق الحدث والحالة الآنية وما يرافقها من انفعالات ونتائج. بينما تعتمد المذكرات على سرد لماض بعيد وقريب مع استخلاص النتائج والانطباعات. ولذلك، فإن تدوين الأحداث في اليوميات يوما بيوم يعد سيرة ذاتية يومية تكون أكثر دقة في معلوماتها التي تدون في ما بعد ضمن المذكرات الشخصية. ولذا، تعتبر اليوميات من هذه الناحية بمثابة مرجع دقيق لكتابة المذكرات أو السيرة الذاتية لصاحب اليوميات إن أراد كتابة مذكراته، وللآخرين المهتمين بكتابة المذكرات أو السير الغيرية”.
وقال العساف: “إن يوميات سفيان التل تكتسب قيمة تاريخية مهمة لأنها أرخت لجانب من النشاط السياسي الطلابي الأردني داخل الأردن وخارجه في مرحلة وطنية شهدت الكثير من الأحداث، حيث إنها جاءت شهادة حية من التل، وهو أحد الطلبة الأردنيين الذين عايشوا هذه الأحداث وشاركوا فيها في كل من: الأردن، سورية، مصر وألمانيا.
ورأى العساف أن هذه اليوميات تعد “إضافة جديدة لتاريخ العرب المعاصر، ولا سيما في الفترة العصيبة التي مرت بها البلدان العربية في الخمسينيات والستينيات، حيث ظهرت ابتداءً من خمسينيات القرن العشرين، وما بعدها من أوضاع متغيرة وتحولات سياسية وعسكرية وأمنية كبيرة على المستوى الدولي، كشفت عن حقبة جديدة من الصراعات التي تختلف في طبيعتها عن الحقبة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. 
وأشار العساف إلى أن التحولات تجلت في بروز كتلتين سياسيتين وعسكريتين كبيرتين قسمتا العالم إلى قطبين أو حلفين رئيسين: الحلف الأطلسي ممثلاً بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وبقية الدول المتحالفة معها، وحلف وارسو ممثلا بالكتلة الشيوعية أو الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، ومعه منظومة الدول الاشتراكية. ورافق هذا الانقسام ظهور صراع وتنافس تمثل في صورتين: الأولى، “الحرب الباردة وسباق التسلح”، والثانية، “الصراع الأيديولوجي بين عقيدتين مختلفتين سياسيا واقتصاديا: الرأسمالية والاشتراكية”.
وخلص العساف إلى أن يوميات التل أظهرت وقائع وأحداث نشاط الحركة الوطنية الأردنية على الساحة المحلية واتقادها نشاطا وحماسة، من خلال رجالها الوطنيين المخلصين وتأثيرهم التوعوي والتثقيفي علىفي طلبة المدارس الذين كانوا متأثرين بالأفكار الثورية القومية واليسارية، ومدها الكبير الذي بلغته آنذاك، في كل من: مصر، الأردن، سورية، العراق ولبنان وغيرها من الدول العربية الأخرى، بتأثير مباشر وغير مباشر من المعسكرين: الاشتراكي والرأسمالي.
في نهاية الحفل، شكر د. سفيان التل كل من: د. علي محافظة على اهتمامه بهذا الكتاب واعتزازه بمتابعته واطلاعه على الكتاب قبل نشره. ود. عبدالله العساف الذي قام بتحرير وتدقيق هذا المخطوط، ولولاه ما كان ليخرج إلى النور. كما شكر التل رابطة الكتاب الأردنيين على تنظيم هذا الحفل، قائلاً: “إن رابطة الكتاب الأردنيين هي دار للمفكرين والكتاب والمبدعين”، فشكرا لها على هذا الدور.

المصدر: جريدة الغد