الأحدث

تحت الضوء: مشروع قناة البحر الميت والبحر الأحمر – 2005

• تحت الضوء: مشروع قناة البحر الميت والبحر الأحمر
اسم البرنامج: تحت الضوء
مقدم البرنامج: مهند الخطيب
تاريخ الحلقة: الثلاثاء 31/5/2005

ضيوف الحلقة:

الدكتور ظافر العالم (أمين عام سلطة وادي الأردن ورئيس اللجنة الفنية لمشروع قناة البحرين الأحمر والميت – عمان)
الدكتور سفيان التل (المستشار الدولي في شؤون البيئة – عمان)
البروفيسر عزم الحمود (أستاذ الهندسة المدنية بالجامعة الأميركية بالشارقة والخبير في مشاريع الهندسة المدنية – الأستوديو)
الدكتور عبد الرحمن التميمي (خبير مائي – عبر الهاتف من رام الله)

مهند الخطيب: السلام عليكم وأهلاً بكم إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج تحت الضوء.
اجتماعات الملتقى الاقتصادي العالمي الأخيرة على شاطئ البحر الميت كانت مناسبةً لإعادة الحياة إلى مشروع قناة البحرين الميت الأحمر الذي كان قد طُرح بقوة في أعقاب مؤتمر مدريد للسلام أوائل التسعينات وفي سياق المحادثات المتعددّة، مشروع قناة البحرين الذي يمكن أن يتحوّل في مرحلته الأخيرة إلى مشروعٍ للربط الثلاثي بين المتوسط والميت والأحمر يقدّمه المتحمّسون له على أنه المشروع المركزي لحل أزمة المياه الخانقة في منطقة شرق المتوسط، فالمشروع الذي يُفترض أن تبلغ تكلفته أربعة ونصف مليار دولار يقدّر مؤيدوه أن سيزوّد الأردن وإسرائيل والفلسطينيين بـ 850 مليون متر مكعب من المياه ونحو 550 ميجا واط من الكهرباء، إضافة إلى استصلاح واستيطان مساحةً شاسعة من الصحارى في المنطقة، إلا أن معارضيه يعتبرونه خطراً جدياً على كل المستويات، إذ يتخوّفون من تأثيرات الحركات الزلزالية في منطقة ضعيفة جيولوجياً ومن تأثيراته البيئية على البحرين الميت والأحمر وحوضيهما، كما يبدي هؤلاء خشيتهم من تأثيراته السلبية على المناخ وعلى الصناعات والزراعة في كل من الأردن وفلسطين، وفوق ذلك فإن المعارضين يعتبرون المشروع سبيلاً لربط الاقتصادين الأردني والفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي بالكامل، موضوعاتٌ عدة يثيرها المشروع سنحاول الإحاطة بها في هذه الحلقة الجديدة من تحت الضوء مع ضيوفنا: عبر الأقمار الاصطناعية من عمان الدكتور ظافر العالم أمين عام سلطة وادي الأردن ورئيس اللجنة الفنية للمشروع، وأيضاً من عمان الدكتور سفيان التل المستشار الدولي في شؤون البيئة، ومعي هنا في الأستوديو البروفيسر عزم الحمود أستاذ الهندسة المدنية بالجامعة الأميركية بالشارقة والخبير في مشاريع الهندسة المدنية، مشاهدينا قبل أن نبدأ نقاشنا دعونا أولاً نشاهد هذا التقرير من عمان حول قناة البحرين المائية المقترحة التي تربط البحر الميت بالبحر الأحمر.
تقرير:
سعد السيلاوي: في إحدى الفنادق الضخمة على الشاطئ الأردني للبحر الميت ووسط تكتّمٍ وسريّة وبعيداً عن رجال الإعلام والصحافة وعدسات التلفزة وقّع الأردن وإسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية على اتفاق شقّ قناة البحرين التي ستربط البحر الأحمر بالبحر الميت بطول مقداره 110 أميال وبكلفة تصل إلى 4.5 مليار دولار لمشروعٍ مائيٍ حيوي تصوره إسرائيل على أنه من ثمار التعاون السلمي للشرق الأوسط.
رائد أبو السعود (وزير المياه والري الأردني): البحر الميت صار فاقد كتير من حجمه حوالي 30%، صار فاقد من ارتفاعه حوالي 45 متر، فهذا طبعاً مش موضوع استثمار أكتر منه موضوع بيئي لأنه بالأخير بصير كارثة بيئية للمنطقة كلها.
سعد السيلاوي: العمل في مشروع قناة البحرين الذي تم الإعلان عنه رسمياً خلال المنتدى الاقتصادي في البحر الميت سيستمر مدة خمس سنوات على الجانب الأردني من الحدود في دولة تُعتبر من إحدى الدول العشر الأكثر فقراً من حيث الموارد المائية في العالم، مشروع قناة البحرين اتفق عليه قبل سنوات عدة لكنه ظلّ عالقاً بسبب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
سلطان حطاب (محلل سياسي): شرط أساسي لقيام تعاون اقتصادي بين الأطراف الثلاثة: فلسطين والأردن وإسرائيل لا بد أن تكون هناك عملية سلام، هذه العملية ما زالت حتى الآن بصدد إنجازها على الصعيد الفلسطيني، في غياب عملية السلام ستكون كافة المشاريع محفوفة بالمخاطر.
سعد السيلاوي: طالما أن الحروب القادمة هي حروب مياه فإن توقيع مشروع قناة البحرين بين الأطراف الثلاث قد يساهم في إبعاد شبح الحرب المنتظرة عن هذه الأطراف، هذا في حال توقفت حرب الحقوق والأرض الفلسطينية والعربية التي ما زالت قائمة حتى الآن.
سعد السيلاوي – العربية – عمان.

ما هيّة مشروع البحرين
مهند الخطيب: إذاً نبدأ الحوار مع ضيوفنا وسأبدأ من عمان مع الدكتور ظافر العالم، دكتور ظافر مرحباً بك أولاً، يعني ما هو بالتحديد هذا المشروع؟ أين وصل؟ هل بالفعل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في البحر الميت مؤخراً حول الشروع في دراسة جدوى هذا المشروع هل هي بداية فعلية لإقامة هذه القناة؟
د. ظافر العالم: أولاً: بسم الله الرحمن الرحيم، شكراً أخ مهند على استضافتي في برنامج تحت الضوء، وقبل البدء بالحوار أود أن أوضح للمشاهد العربي بأنّ معظم المقالات والأحاديث التي يتناولها الإعلام العربي والفضائيات بالذات لحدّ الآن تتحدث عن مشروع قناة البحرين، وهو المشروع الصهيوني الإسرائيلي الذي كان مقترحاً منذ أكثر من قرن، وأنّ هذا المشروع رُفض من كافة الدول العربية والأردن خاصةً ولم ترحّب به دول العالم ودُفن في مهده منذ أكثر من 30 سنة.
مهند الخطيب: نعم، تقصد مشروع قناة البحر الأبيض المتوسط مع البحر الميت؟
د. ظافر العالم: أي نعم.. أي نعم سيدي، هذا اللي هو مشروع قناة البحرين، إحنا المشروع اللي لدينا ما فيش كلمة قناة، مش موجودة هذه، المشروع الذي نحن بصدده هو تصوّر أردني، يمثل الواقع الأليم للبحر الميت والحاجة الملحّة لتنفيذه، وليس له صلة لا من قريب ولا من بعيد بالمشروع الإسرائيلي المتوفي وهو قناة البحرين.
مهند الخطيب: ماذا تقصد ليس له صلة دكتور؟ المشروع كان مطروحاً منذ فترة والمشروع يعني البعض يرى أن المخاطر والسلبيات والإيجابيات متشابهة في المشروعين؟
د. ظافر العالم: يا سيدي المشروع مشروع إسرائيلي هو عبارة عن قناة تمتدّ من البحر الأبيض المتوسط للبحر الميت، القناة هذه إلها أهداف، كانت أهداف سياسية، أهداف إلها لتبريد مفاعل نووي، كان إلها أهداف أخرى بالنسبة لإسرائيل وكان المشروع منفرد ليس في تعاون بين الدول المشاطة للبحر الميت، أما المشروع.. التصوّر الأردني يختلف كلياً عن المشروع الإسرائيلي، ما فيش.. إحنا عنا قناة، المشروع الأردني والتصور الأردني هو عبارة عن خط..
مهند الخطيب: ماذا تقصد ما فيش قناة يعني؟ كيف ستنساب المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت؟
د. ظافر العالم: يا سيدي، أنا أجيلك بالموضوع بس أعطيني فرصة حتى أوجز لك شو المشروع الأردني، أول شيء: لماذا الاهتمام بالبحر الميت؟ يعني إحنا من المعروف إنه في البحر الميت له ميزات فريدة: البحر الميت اللي هو البحر الميت الوحيد في العالم، والبحر الميت يقع في أخفض نقطة على سطح الأرض، يقع تحت منسوب اللي هو 415 متراً تحت منسوب البحر، هذا البحر غنيٌّ بأملاحه المعدنية تبلغ ملوحته عشر أضعاف أي ملوحة بحر عادي، بعدين هذا الموقع ومحيط البحر الميت هو مهد الحضارات ومهد الديانات السماوية الثلاث..
مهند الخطيب: طيب دكتور قبل أن ندخل في هذه التفاصيل هذه سنعود بعد قليل إلى هذه المحاور جميعاً، لكن أودّ أن أفهم منك أين وصل هذا المشروع فعلياً اليوم؟ يعني هل نحن الآن بصدد الشروع في هذا المشروع قريباً في المستقبل القريب؟
د. ظافر العالم: سيدي إحنا في مؤتمر.. في المؤتمر الاقتصادي اللي تم أعلننا عن المشروع، المشروع أول شيء تم إعداد خلال السنتين الماضيتين كان في مفاوضات مع البنك الدولي مع إسرائيل ومع إخواننا الفلسطينيين وتم الاتفاق على منهجية العمل، منهجية العمل للسير في المشروع، المشروع اللي هو الأردني، التصوّر الأردني اللي هو المرحلة الأولى إنقاذ البحر الميت من الكارثة البيئية اللي عم تحيط فيه، المشروع طبعاً إحنا البنك الدولي وبالتعاون مع دول الأطراف تمّ التوقيع على هذه الوثيقة، وتمّ هلأ الآن إنه الإعداد.. البنك الدولي سيقوم بالإعداد لمؤتمر لتمويل الدراسة.. دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع، المرحلة الأولى حتكون المرحلة الأولى.. المؤتمر التمويلي حيكون في بين 4 و 5 من الشهر القادم إن شاء الله، حتكون مؤتمر التمويل في باريس في مقرّ البنك الدولي، سيتم الدراسة المُقدّرة.. إجراء الدراسة جدوى الاقتصادية والفنية للمشروع تُقدّر بحوالي 15 مليون دولار، وفي الدول الصديقة والدول المهتمّة بالبيئة والمهتمّة بالسلام والمهتمة بالتنمية في منطقة الشرق الأوسط..
مهند الخطيب: نعم، إذا نحن لا زال في النقاط الأولى دكتور ظافر فيما يتعلق بهذا المشروع..
د. ظافر العالم: أي نعم.. أي نعم يا سيدي.

الوقت غير ملائم لهذا المشروع
مهند الخطيب: يعني عملية الجدوى ستأخذ سنتين ثلاثة ربما أكثر من ذلك، على كل حال سأنتقل إلى الدكتور سفيان التل أيضاً في عمان، ما رأيك دكتور سفيان؟ يعني هل باتت الظروف اليوم مواتية لمثل هذا المشروع؟ يعني هذا مشروع طُرح منذ سنوات كما نعلم، يعني ما الذي اختلف اليوم وجعل من هذا المشروع أكثر يعني ملاءمةً في هذا الوقت بالتحديد؟
د. سفيان التل: لا أعتقد أن المشروع ملائماً في هذا الوقت بأي حال من الأحوال، ولا أعتقد أن هناك تصوّر أردني كما طرح الزميل ظافر العالم، التصوّر هو تصوّر صهيوني إٍسرائيلي لهذا المشروع من البداية، فقد كتب هيرتزل في كتابه: Alt New Land”” الأرض البديلة الجديدة سنة..
مهند الخطيب: نعم سنعود إلى الشقّ السياسي دكتور سفيان في المحور التالي، لكن أود أن أعلم منك يعني بالتحديد لماذا لا ترى أن الوقت ملائماً لهذا المشروع حالياً وهو مشروع مختلف عن مشروع البحرين المتوسط والميت كما ذكر الدكتور ظافر في البداية؟
د. سفيان التل: لأ هندسياً غير مختلف بتاتاً لأنه هذا مشروع صهيوني كما أعتقد 100% والصهاينة مهتمّين بتنفيذه حسب نبوءتهم في سِفْر حزقيال الذي يؤكد صيد السمك على البحر الميت، والخارطة التالية التي أطرحها عليك وأرجو أن تعرضها على المشاهدين هي خارطة من مصادر عبرية صهيونية والمصطلحات فيها هي مصطلحات عبريّة والمشروع من البحر الأحمر إلى البحر الميت على هذه الخارطة أيضاً، هنالك ثلاث مسارات..

جدوى هذا المشروع في حل مشكلة المياه
مهند الخطيب: نعم، دكتور سنعود إلى الشقّ السياسي كما ذكرت لك، لكن أود أن أدخل في الأمور التقنية أيضاً المتعلقة في هذا المشروع، دكتور عزم يعني إلى أي مدى تعتقد أن مثل هذا المشروع بالطرح الجديد، بالتغليف الجديد، إذا جاز التعبير يعني قادر على تأمين حاجة الأردن والبلدان الأخرى المجاورة من المياه التي تمسّ الحاجة إليها؟
البروفيسر عزم الحمود: أشكرك أخ مهند لهذا السؤال القيّم، الأردن يعيش في مشكلة نقص مياه قاتل حقيقة، واقتربنا من نقطة العجز الكامل، وأرجو أن لا أكون قد بالغت، فتأخرنا كثيراً، العجز الحالي يعادل أو يقارب 500 مليون متر مكعب، النظرة الشاملة للأردن تقتضي أن ننظر إلى الأردن كمنظومة، كشعب، وأراضي بحاجة إلى: مياه، زراعة، تنمية، اقتصاد، ثورة في التطور البشري، فهناك عجز، هذا المشروع نظرة فنية دقيقة يعتبر من وجهة نظري كمهندس مدني مشروع خلاّق، ننقل المياه في الوقت الذي تكون فيه الطاقة فائضة، الطاقة الكهربائية، من البحر الأحمر عند العقبة ونضخّ هذه المياه في أنابيب إلى منسوب 100 أو 150 أو 200..
مهند الخطيب: صعوداً.
البروفيسر عزم الحمود: صعوداً، إذاً هنالك عملية إدارة مائية كهربائية أو الطاقة، وهذا رائع، حينما تصل المياه إلى ذلك المنسوب تُخزَّن أو تَنساب..
مهند الخطيب: بفعل الجاذبية.
البروفيسر عزم الحمود: بفعل الجاذبية وهذا رائع، وهذا الفرق في الارتفاع يقارب حسب الارتفاع الذي ستُضخّ له المياه من العقبة إلى الارتفاع في منطقة وادي عربة هبوطاً بانسياب الجاذبية إلى منسوب البحر الميت في الوضع الحالي يقارب 600 متر، هذه الطاقة ستُستخدم بفعل الضغط المائي إلى توليد طاقة، إنما الفعل الرئيسي هو طاقة للتحلية بواسطة: Reverse Osmosis اللي هي أحد التقنيات الحديثة والاقتصادية، بطبيعة الحال التحكّم في المياه من مصدرها في البحر الأحمر هو بأيدي الأردنيين، هذا المشروع هو في الأراضي الأردنية نتحكّم في ضخ المياه إذاً ليس هناك إغراق، النقطة الهامة وسمعت معالي الوزير وتفضّل معالي الأمين بأن الوضع البيئي للبحر الميت نعلم ونعلم الأسباب أخي مهند لماذا آل البحر الميت إلى ما آل عليه، إذاً نحن..
مهند الخطيب: لماذا برأيك دكتور عزم يعني أصبح الوضع في البحر الميت.. يعني نحن نشهد اليوم سنوياً انخفاض في المنسوب بمعدل حوالى متر كل سنة؟ البحر الميت اليوم فقد ثلث مياهه التي كانت موجودة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي؟
البروفيسر عزم الحمود: أخي مهند لا أريد أن أعود إلى التاريخ، الأسباب معروفة، يعني الوضع السياسي القائم وتوزيع المياه والحصص وهذا ورد في اتفاقية السلام، إنما واضح جداً بأن تحويل مجرى نهر الأردن بما يقارب مليار متر مكعب..
مهند الخطيب: من قِبل إسرائيل؟
البروفيسر عزم الحمود: من قبل إسرائيل إضافةً إلى السدود المقامة من الطرف الأردني إلى آخره إلى آخره آلت إلى نقص المياه، إنما عودة على عُجالة، إذاً القضية هي قضية الأردن كشعب وكمياه وكعجز وأصبحنا نقترب من وضع خطير، وهذا المشروع خلاّق وعلى المستوى العالمي، في حال أن أوصلنا هذه المياه إلى البحر الميت نستطيع عبر مراحل أن ننقل هذه المياه إلى مناطق أخرى في فلسطين وفي الأردن إلى مناطق قاحلة، إنما بأمس الحاجة إلى المياه، إذاً هنالك حل هندسي بتصوّري مبدع.
مهند الخطيب: طيب، أنا سآخذ فاصل قصير وسنعود إلى مناقشة مسائل المخاطر البيئية والبيولوجية والجيولوجية والاقتصادية التي يثيرها الكثيرون مع ضيوفي من عمان وضيفي هنا في الأستوديو، مشاهدينا فاصلٌ قصير نعود بعده إلى متابعة هذا الحوار، ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

بين المخاطر والفوائد
\مهند الخطيب: أهلاً بكم من جديد، مشاهدينا في هذه الحلقة التي نخصّصها لمناقشة مشروع قناة البحرين الميت والأحمر.
وسأتوجه بالسؤال التالي إلى الدكتور سفيان التل في عمان، دكتور سفيان يعني سمعنا من الضيفين في الجزء الأول عن أنّ هذا المشروع له فوائد لا شك كبيرة فيما يتعلق بتوفير كميات كبيرة من المياه للأردن بالتحديد وهي المياه التي تمسّ الحاجة إليها الأردن من أفقر دول العالم فيما يتعلق بالمياه، حصة الفرد في الأردن لا تزيد عن 150 – 160 متر مكعب سنوياً، من أقل النسب في العالم، يعني هل برأيك الفوائد التي قد نجنيها في الأردن من هذا المشروع تفوق المخاطر والسلبيات من وجهة نظرك؟
د. سفيان التل: بالتأكيد لا تفوق بتاتاً، دعني أركز على نقطة المياه المحلاّة فقط: المشروع الميت يطرح للأردن 540 تقريبي أو 570 مليون متر مكعب، هناك دراسة أجرها جيولوجيين في الجامعة الأردنية وبنماذج كمبيوترية تقول إنه نتيجة ضغط المياه الجديدة على سطح البحر ستخرج إلى السطح المياه الجوفية العذبة وتسيل إلى البحر الميت وسنفقد 484 مليون متر مكعب، يعني حصة الأردن بالتالي لن تزيد عن 86 مليون متر مكعب فقط من المياه المحلاّة نتيجة دفع المياه المالحة إلى المياه العذبة إلى السطح، هذه النقطة الأولى، النقطة الثانية: هنالك مخاطر كبيرة ستُحيط بشركة البوتاس العربية، عندما يصل منسوب مستوى سطح البحر إلى 386 متر ستكون كل منشآت البوتاس العربية قد غرقت تحت الماء بما فيه: الأقنية والملاّحات والسدود ووحدات الضخّ وأقنية التصريف بكاملها، ومنذ أن تصل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت ستضطرّ شركة البوتاس لزيادة الضخّ بنسبة 15% حتى تحصل على نفس النتائج السابقة، فمعناه هناك خسارة عربية وأردنية كبيرة لشركة البوتاس، في حين أن البوتاس على الجانب الصهيوني لن يتأثر بذلك لأنه بنُي قبل تحويل مجرى نهر الأردن على المستوى العالي، وهناك مخاطر أخرى كثيرة جداً: فالأردن مشهور جداً بكثرة الانزلاقات الأرضية والجبلية، أُذكّر تذكيراً: طريق ناعور انزلقت، طريق عمان – إربد انزلقت، طريق الكورة انزلقت، وقبل أسابيع تداولت الصحافة الأردنية انزلاقات في جبال الزّارة، فالخطّ أو الطريق الذي ستمر فيه القناة معرض للانزلاق، فإذا انزلقت القناة وانكسرت فهي تحمل 64 متر مكعب في الثانية وهذا يساوي ربع مليون متر مكعب في الساعة أو ست ملايين متر مكعب في اليوم، يعني انزلاق واحد ستنساب المياه المالحة إلى وادي عربة وتمُلّح كافة المياه العذبة في الوادي، هذه بعض المخاطر التي يمكن الحديث عنها، الخطر الرابع والمهم جداً: إنه كما طرحوا الإخوان إنه التكلفة تصل إلى 4.5 مليون دولار في حين أن المشروع الصهيوني توقّف وكانت تكلفته واحد ونص مليار أي أنّ الصهاينة اعترفوا أنه غير مجدي اقتصادياً بواحد ونص مليار، فكيف يمكن أن يكون المشروع مجداً بأربعة ونص مليار؟
مهند الخطيب: طيب يعني أودّ أن أستمع إلى الدكتور ظافر يعني يردّ على بعض هذه النقاط، دكتور ظافر يعني ما رأيك بالنقاط التي أثارها الدكتور سفيان من حيث أن الأردن لن يستفيد بكميات المياه كما هو يعني مُعلن، بل الكميات ستكون أقل من ذلك، إضافةً إلى المخاطر التي يعني يحمِلها هذا المشروع على شركة البوتاس الأردنية، مسألة الانزلاقات الأرضية، مسألة الجدوى الاقتصادية أصلاً لهذا المشروع، كيف تردّ على بعض هذه النقاط؟
د. ظافر العالم: سيدي أول شي: بدّي أعيد وأكرّر بأن المشروع مشروع أردني، ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد أعيد وأكرر مع المشروع الإسرائيلي قناة البحرين، المشروع حيكون في أراضي أردنية، المشروع ما في إشي اسمه قناة، المشروع عبارة عن خط أنابيب من البحر الأحمر إلى البحر الميت، خط أنابيب، ليس يوجد فيه قناة، الوضع الطبيعي للبحر الميت إنك ترجّع المنسوب اللي هو هلأ عندنا ناقص حوالي 25 متر يرجع إلى وضعه الطبيعي إلى المنسوب اللي هو ناقص 395، هلأ هوّ ناقص 415، فإنت لما ترجّع الوضع الطبيعي تعمل عملية استقرار، في وضعه الحالي فقدان المياه الجوفية هو نتيجة انحصار البحر وانخفاض المنسوب، المياه اللي بتيجي من المرتفعات لما بتوصل منطقة البحر الميت إنه تزيد حركة المياه وسرعتها في المنطقة مما يزيد كمية المياه الجوفية اللي بتروح هدراً، بينما لما ترجّع منسوب البحر الميت إلى وضعه الطبيعي بتقلّل من عملية دخول المياه الجوفية إلى البحر الميت، يعني الشغلة عكسية تماماً، بعدين بالنسبة لمنطقة الهزّات الأرضية أو منطقة الانهيارات: نتيجة انخفاض البحر الميت الانهيارات اللي عمْ تحصل في البحر الميت اللي بنسميها “سن كولز” هي موجودة هلأ ما يزيد حوالي في المنطقة في الشاطئ حوالين البحر، في حواليه أكثر من 1500 سن كول اللي هو الانهيارات، وهي نتيجة إنه المياه الجوفية اللي عمْ تيجي من المرتفعات عمْ تعمل تعرية أرضية تعمل كهوف وهذه مع الوقت بتكبر الكهوف وبتسقط وتنهار، فعملية إنه انخفاض البحر والمنسوب عمّاله هو عم بخلق السلبيات، إنت عم بترجّع.. لما تعمل المشروع إنت عمْ بترجّع البحر لوضعه الطبيعي وضعه الطبيعي اللي كان فيه استقرار، استقرار وتوازن بيئي، فهذه العملية.
مهند الخطيب: نعم، دكتور..
د. ظافر العالم: بعدين بالنسبة للجدوى الاقتصادية للمشروع يا سيدي..
مهند الخطيب: نعم.
د. ظافر العالم: طبعاً إحنا لحدّ الآن.. إحنا عمْ نتسرع وبنحكي، إحنالحدّ الآن لما بنحكم على المشروع يجب أن يكون معتمداً على دراسات تفصيلية، منهجية العمل اللي تمّ وضعها مع البنك الدولي هيّ اللي حتعطينا موضوع جديد، الموضوع الاقتصادي الجديد، المشروع إحنا عم نتكلم عنّه لأنه في دراسات سابقة قامت فيها الجامعة الأردنية، وقام فيها دكاترة من الأردن، وقامت فيها منظمات برضه اللي هي منظمات غير حكومية دولية فأعطتنا هذه الدراسات، تبيّن من المشروع إنه يمكن إنه أستفيد إنه سعر المتر المكعب للمياه لن يتعدى النصف دولار، بينما أي مشروع تاني من التحلية.. مشروع كلفة المتر المكعب من المياه تزيد عن الدولار..
مهند الخطيب: طيب دكتور هناك نقاط كثيرة إذا سمحت لي، يعني أود قبل أن أتابع هذا النقاش وسأنتقل إلى الدكتور عزم على مسألة المخاطر الجيولوجية في المنطقة، يعني أود أن أذكر أن قناة البحرين الميت والأحمر لها يعني عدة أهداف لهذا المشروع، القناة الأنبوبية كما يحب ربما الدكتور ظافر أن يسميها، من أهداف هذا المشروع:

  • الحؤول دون جفاف البحر الميت.
  • توفير 850 مليون متر مكعب من المياه غالبيتها للأردن.
  • توليد 500 مليون ميغا واط من الكهرباء غالبيتها لإسرائيل.
  • المساعدة على إعمار واستيطان صحراء النقب.
  • المساعدة على استتغلال الزيت الحجري في المنطقة.
  • ربط اقتصاديات إسرائيل والأردن وفلسطين.
    أما الأخطار المحتملة فتشمل:
  • تعريض الغور ومحيطه لأخطار زلزالية.
  • تعريض البحرين الميت والأحمر لخطر خفض الملوحة.
  • غمر الأراضي الزراعية الأردنية والفلسطينية في منطقة الغور.
  • تسهيل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة والنقب.
  • تسهيل سيطرة إسرائيل على الاقتصادين الأردني والفلسطيني.
  • وفتح المجال أمام إسرائيل لإقامة قناةٍ منافسة لقناة السويس.
    بروفيسر عزم يعني تحدث الضيوف عن بعض السلبيات وبعض الإيجابيات، هناك أيضاً مخاوف جيولوجية، أنت خبير في شؤون الزلازل، هل برأيك سيشكّل مشروع من هذا النوع بالفعل مخاطر جيولوجية في تلك المنطقة؟
    البروفيسر عزم الحمود: أخي مهند بالتأكيد أي مشروع له إيجابيات وسلبيات، لا نستطيع أن نقول بأنه لا سلبيات لهذا المشروع، إنما الإيجابيات أكبر بكثير من السلبيات، لأنني كما ذكرت: النظرة البيئية المتكاملة لمنظومة الأردن وفلسطين ومن يقطن على أرض الأردن وفلسطين، هذه المنظومة تقتضي بأن نجد الحل العاجل لمشكلة المياه، هنالك مشكلة كبيرة وكما قلت تأخرنا كثيراً والوقت يدق، هناك دق كبير لناقوس الخطر.
    مهند الخطيب: طيب، من ناحية الأخطار الجيولوجية؟
    البروفيسر عزم الحمود: نعم، البدائل للمياه سواءاً أنبوب السلام التركي أو الطرح السابق لجلب المياه من الفرات ودجلة أو ما شابه ذلك كلها أصبحت الآن ليست ذات جدوى اقتصادية بمقارنة هذا المشروع، والأخ ظافر تفضّل بالجدوى الاقتصادية وأؤيده في ذلك، فيما يتعلق بالأخطار الجيولوجية دعني أبدأ نقطة نقطة وهذا نقاش علمي ويجب أن نقتضي الدقة والموضوعية: موضوع المياه الجوفية بتصوّري كما أجريت واطّلعت على العديد من الأبحاث، المشروع سيؤدي إلى منع تهريب أو انسياب المياه العذبة إلى البحر الميت والمتوسط، إذاً المشروع سيوقف هدر المياه الجوفية، النقطة الثانية: فيما يتعلق بموضوع الانزلاقات الأرضية: عملتُ لدى وزارة الأشغال العامة مدة ستة سنوات في موضوع الانزلاقات الأرضية؛ إذ كنت الخبير في تلك الوزارة ومُطّلع على أسباب الانزلاقات على كافة طرق المملكة وأستطيع أن أؤكد بأن المرتفعات والمناطق التي حدثت فيها الانزلاقات سواءاً ناعور، البحر الميت سواءاً الانزلاقات في مناطق جبال عجلون أو إربد – عمان هذه مناطق مرتفعة وبعيدة جداً مئات الكيلومترات عن هذه المنطقة، وأود أن أؤكد أيضاً بأن مسار هذا الأنبوب.. وهنا يجب أن نُعطي المشروع.. كلمة قناة ليست صحيحة، أنبوب البحر الميت نقطة، المسار، إذا ما استعرضنا مسار طريق البحر الميت – العقبة نجد أن هذا الطريق يُعتبر من أكثر الطرق استقراراً، والآن بالعمل الهندسي والدراسات الجيولوجية نستطيع أن نضع الأنابيب أو نفتح القنوات على أضعف أنواع الترب، إذاً هذا ليس بمشكلة إطلاقاً في الوضع الحالي، في موضوع الزلازل: موضوع الزلازل أيضاً بتصوري الزلازل موجودة، وموجودة منذ الأزل، وهنالك دراسات زلزالية للمنطقة، رفع المنسوب إلى المنسوب الطبيعي لن يزيد أو يؤدي إلى اختلاف جذري في موضوع الزلازل، وأقرب مثال السد العالي، كان هناك تخوفات كثيرة من الزلازل التي ستؤدي لها عملية تعبئة السد، فبتصوري الزلازل لن تكون مشكلة لأن الصدوعات موجودة، إنما أستطيع أن أؤكد بأن هذه الأمور جميعها نستطيع كمختصّين وفي دراسات الجدوى الاقتصادية والهندسية أن نضعها في مكانها الصحيح ونحسب هذه الأرقام وتوضع لها الاعتبارات والحلول الهندسية، أما فيما يتعلق بباقي الأمور الأخرى فأرجو أن يتّسع الوقت لمناقشتها.
    مهند الخطيب: طيب، أود أن أستمع إلى الدكتور سفيان التل في عمان إلى رد على هذه القضايا، يعني دكتور سفيان كما يبدو من حديث الضيفين أن المشروع له إيجابيات أكثر من السلبيات، كيف ترد أولاً على هذه؟ والمسألة الأخرى يعني عندما نقول عن إنقاذ البحر الميت بضخّ كميات من المياه، ألا ينتج ذلك بحراً مختلفاًَ عن البحر الميت أصلاً؟ يعني راح نضخّ كميات من المياه التي تختلف في ملوحتها – وأنا لست خبيراً في هذا المجال – لكن ألن يعني يُسفر عن ذلك بحر ربما فيه مياه أكثر ولكنه مختلف بشكل كلي؟
    د. سفيان التل:

البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط لن يصبح هذا البحر بحراً ميتاً وسيصبح بحراً حياً وستصله الأحياء المائية من جديد، ولذلك فقدنا ميزته الهامة، بالإضافة إلى ذلك بعض المعلومات اللي بقدّموها الزملاء ليست دقيقة، فليس هناك كما يُقال فرق بين المشروع الإسرائيلي الأول والمشروع الحالي

د. سفيان التل

يا سيدي أحسنت، الحقيقة هذه نقطة مهمة جداً، فالبحر الميت متميّز على سطح الكرة الأرضية بأنه أهم نقطة ثانية بعد قمة هملايا اللي هي أعلى نقطة وهذا أخفض نقطة وهو بحر ميت، فعندما سآتي بالمياه له من البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط لن يصبح هذا البحر بحراً ميتاً وسيصبح بحراً حياً وستصله الأحياء المائية من جديد، ولذلك فقدنا ميزته الهامة، بالإضافة إلى ذلك بعض المعلومات اللي بقدّموها الزملاء ليست دقيقة، فليس هناك كما يُقال فرق بين المشروع الإسرائيلي الأول والمشروع الحالي، المشروع الإسرائيلي بين الأبيض والميت كان عبارة أيضاً عن نفق وأنابيب مضغوطة كما هو بالضبط مشروع الأحمر الميت، فالمشروعين سواء، عملية إعمار النقب كما يقال إسرائيل واضعة في حسابها إقامة مئة مستوطنة جديدة واستقطاب آلاف أو ملايين المهجرين لرفد قواهم الصناعية الاقتصادية والعسكرية والبشرية، المشروع نفسه في الجبال الشرقية للبحر الميت سيكون مصدر الطاقة الإسرائيلية والمياه المحلاّة في أراضٍ أردنية وهذا سيعطي الصهاينة حقوقاً جديدة في الأراضي الأردنية، وسيدّعون بضرورة حماية القناة إذا قاموا هم بتأمين إرهابيين كما يدّعون لتفجير القناة وسيأتوا لاحتلالها كما احتلوا جبال الجولان في السابق، هذه المواضيع مهمة، أما ما يدّعوه الإخوان من أنّ المياه المحلاّة أو المياه العذبة شحيحة في الأردن فهذا صحيح، ولذلك أسأل: لماذا عندما فاوضوا إسرائيل تنازلوا لها عن مياه وادي عربة؟ هناك مجموعة من الآبار في وادي عربة في أراضي أردنية تحت السيادة الأردنية ويُقال أنها مُتّصلة بحوض الديسي أُعطيت لإسرائيل شريطة أن تحرسها الأردن وتصونها وتأخذ إسرائيل مياهها، دولة فقيرة في المياه كالأردن تستطيع أن تتبرّع بمياهها إلى إسرائيل؟! أي منطقٍ في هذا يمكن قبوله؟
مهند الخطيب: طيب دكتور سفيان يعني سأنتقل بعد الفاصل لمناقشة الأهداف ربما الأساسية لهذا المشروع والتي يراها البعض بأنها أهداف سياسية ليست بيئية وليست اقتصادية، ولكن كما يرى البعض هي ربما أهداف سياسية للمشروع من أساسه، على كل حال سنناقش هذا الموضوع بعد فاصلٍ قصير، مشاهدينا ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

الجانب الفلسطيني لم يوافق على المشروع بعد
مهند الخطيب: أهلاً بكم مشاهدينا، نناقش في هذه الحلقة من برنامج تحت الضوء مشروع القناة الأنبوبية التي من المقترح أن تربط بين البحرين الميت والأحمر، طبعاً هذا المشروع فيه جانب فلسطيني، هناك اهتمام فلسطيني وسيكون الطرف الفلسطيني على ما يبدو طرفاً شريكاً في هذا المشروع، ينضم إلينا الآن عبر الهاتف من رام الله الدكتور عبد الرحمن التميمي الخبير المائي، دكتور عبد الرحمن مساء الخير، يعني أولاً: لماذا عاد الجانب الفلسطيني ووافق على فكرة هذا المشروع بعد أن كان قد اعترض في الماضي في مؤتمر جوهانسبيرغ عام 2002 على أنّ هذا المشروع ربما يؤدي إلى تعزيز الاستيطان الإسرائيلي والسيطرة الإسرائيلية على الضفة وربما إعادة ترسيم الحدود بين الأردن وإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني؟ لماذا عاد الجانب الفلسطيني وقبل بفكرة هذا المشروع اليوم؟
د. عبد الرحمن التميمي (خبير مائي): أنا باعتقادي الجانب الفلسطيني عاد ووافق على إجراء الدراسة وما قام به الطرف الفلسطيني هو التوقيع على مرجعيّ.. الخطوط المرجعية للقيام بالدراسة ولم يوافق على المشروع، ولذلك من الناحية الفنية أنا أرى أن هذا الجدل الدّائر هو جدل سابق لأوانه، لأنه كيف نتجادل في سلبيات وإيجابيات خُصّص لها 4.5 مليون دولار لدراستها والخروج بتوصية للدول المشاركة في المشروع؟ ولذلك أنا أعتقد أنّ تعظيم الإيجابيات وتعظيم السلبيات من كل طرف هو يعني استعجال للأمر، ولذلك لا بدّ من الصبر حتى نرى ماذا ستخرج به الدراسة، شريطة أن تكون الدراسة حيادية وعلمية، هذا من جانب، من جانب ثاني: الطرف الفلسطيني يرى في هذه القناة هي تأتي في سياق إدماج اقتصاديات المنطقة ورؤية البنك الدولي في هذا الموضوع واضح، ولذلك اجتهد الطرف الفلسطيني الرسمي وأركّز على الرسمي بأن يكون هو الجزء من عملية هذا الإدماج وأن لا يُهمِّش نفسه إذا أراد الآخرون أن يهمشه، ولذلك جاء كطرف شريك في هذا المشروع اعتقاداً منه أنّ هذا يجعله طرفاً شريكاً فيما سيلحق الدراسة إذا ما كُتب لهذه الدراسة الحيادية..
مهند الخطيب: دكتور يعني أنت رأيك الشخصي في الفوائد وجدوى مثل هذا المشروع، يعني كيف يمكن أن تشرحها لنا؟
د. عبد الرحمن التميمي (خبير مائي):

المشروع له أهداف سياسية، واقتصادية، وله أرضية لرؤية البنك الدولي ودوائر سياسية دولية أخرى لهذه القناة لا يجب تجاهلها

د. عبد الرحمن التميمي (خبير مائي)

أنا رأيي الشخصي: أنا رجل يحتكم إلى العلم، العلم لم يقل كلمته لحدّ الآن ولذلك الكلام عن السلبيات والإيجابيات يأتي في الإطار النظري الذي لا أحب أن أشارك فيه ولكني أقول أنّ الدراسة العلمية المنشودة التي سيموّلها البنك الدولي إذا ما كانت حيادية وعلمية هي التي ستقول الجواب، أما من الناحية العامة فأنا أقول أنّ هذا المشروع صحيح له أهداف سياسية، وله أهداف اقتصادية، وله أرضية لرؤية البنك الدولي ودوائر سياسية دولية أخرى لهذه القناة لا يجب تجاهلها، أما من الناحية العلمية فأنا من الطرف الذي ينتظر نتائج الدراسة.

لمصلحة منْ ينتهي هذا المشروع؟
مهند الخطيب: شكراً لك الدكتور عبد الرحمن التميمي الخبير المائي كان معنا عبر الهاتف من رام الله، سأنتقل إلى الدكتور ظافر، يعني كما سمعنا هناك من يقول أنّ هذا المشروع سيؤدي في نهاية المطاف إلى دمج عضوي بين اقتصاديات الأردن وإسرائيل والفلسطينيين، ألا ترى أنّ هذا يعني ربما يصب في نهاية المطاف في صالح إسرائيل كونها يعني الاقتصاد الأكبر والقوة الأكبر بين هذه الأطراف؟
د. ظافر العالم: يا سيدي بالعكس إنه المشروع سيكون من ناحية اقتصادية هو للأردن أولاً، الأردن هو حيكون أكبر المستفيدين من المشروع، الأردن سوف يستفيد أيضاً من المشروع في تنمية منطقة وادي عربة، سوف يتم في منطقة وادي عربة تزويدها بمياه وإنشاء بحيرات اصطناعية لتربية الأسماك، الوضع بالنسبة للأردن حيكون أكثر بكثير من الإسرائيليين، بالنسبة لوضع الإسرائيليين..
مهند الخطيب: إذاً لماذا تقبل إسرائيل بمثل هذا المشروع إذا كان يعني الهدف الأول هو يعني لصالح الأردن في الموضوع؟
د. ظافر العالم: يا سيدي الموضوع.. الموضوع هو موضوع المياه، إنه إحنا في.. إحنا في المنطقة في صراع، في صراع على المياه، المياه لحد الآن لما تم تقسيم المياه، تم تقسيم المياه يعني لا يزال هناك حقوق، حقوق للفلسطينيين لموضوع المياه من نهر الأردن ومن نهر اليرموك، لحد الآن لم يأخذ الفلسطينيون أي حقوق إلهم بالمياه، إخواننا الفلسطينيون إحنا بالنسبة إلنا والأردن من إخواننا الفلسطينيين إحنا بلد واحد وحال واحد، فطبعاً لما يكون في عنده نقص في المياه فأنا أنظر إنه إيش؟ أنظر كيف بدّي أساعده، فعملية إنه تتقاسم المياه أو إنه تحلّ مشكلة المياه في المنطقة، فإسرائيل يعني عمّالها بتقوم حالياً بإنشاء حوالي أربع خمس محطات تحلية على البحر الأبيض المتوسط، كل محطة بتكون حوالي 250 -300 مليون متر مكعب، ومستقبلاً إسرائيل من تحلية مياه البحر الأبيض المتوسط لن تكون بحاجة لمياه، وإحنا في عنّا تقريباً الحصة الإسرائيلية اللي هيّ 130 مليون متر مكعب تقريباً، مستقبلاً إسرائيل تعتمد دائماً على مصادرها المائية وعلى أن تكون تحت سيطرتها الكاملة، إسرائيل بعض الأحاديث.. مرات لما بنقعد نتحدّث معهم على موضوع المياه يمكن حتى يقول لك: أنا إذا الماي بتحتاج 130 مليون اللي همّ حصتي فيش عندي مانع أنا أتنازل إلك وللفلسطينيين عنها، فموضوع إنه الاستفادة حتكون استفادة يا أخي أردنية 100%، وفلسطينية.
مهند الخطيب: طيب دكتور سفيان ما رأيك هل ممكن أن تتنازل إسرائيل عن هذه الكميات من المياه لصالح الأردن والفلسطينيين؟
د. سفيان التل: يستحيل ذلك لأنه حتى حسب الاتفاقية القديمة اللي وُقّعت مع إسرائيل لما كان يجب عليهم أن يعطونا جزء من المياه أعطونا مياه غير صالحة حتى للتنقية في محطة زيّ، مخطئ من يعتقد أن الصهاينة يلتزمون بأي عهد يعاهدوه على أنفسهم، على مدى التاريخ لم يلتزموا بأي عهد، وحتى الآن الفلسطينيين أقدر الناس على معرفة ذلك يتفاوضون معهم عشرين ثلاثين عام بدون أي نتيجة، يرفضوا أن يعترفوا بهم كدولة مشاطئة للبحر الميت، لما بتحكي إنه إسرائيل عندها أربع محطات تحلية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط لماذا لا نأخذ نحن بديل أردني لنا 100%، فنعمل محطة تحلية واحدة في خليج العقبة، ونضخّ المياه منها مع نفس الأنبوب الذي سينقل مياه الديسي إلى الأردن، ولن يكلّفنا ذلك لا مليار ولا 4.5 مليار، الـ 4.5 هذه التكلفة اللي بتحكوا عنها سيَدفع الشعب الأردني ديونها إلى مئة عام، كيف يمكن لهذا الشعب الذي أصبحت شريحة كبيرة منه تعيش على حاويات النفايات أن يسدّد هذه الديون؟ ومقابل ماذا؟ لا شيء، النقطة المهمة الأخرى أنّ هذا المبلغ..
د. ظافر العالم: يا سيدي.. يا سيدي أول شيء: المعلومات اللي عمْ تحكي فيها كلها مغلوطة، أول شيء إحنا ما أخدنا من إسرائيل ميّة تصلح للاستعمال، الميّة اللي بنوخدها هي نفس الميّ اللي بنوخدها من طبريا..
د. سفيان التل: نعم، وتعطّلت في محطة زيّ وكان فيها طحالب سامة..
د. ظافر العالم: لأ يا سيدي..
د. سفيان التل: وكل الشعب الأردني يعرف ذلك..
د. ظافر العالم: كانت.. جاءت من قناة الملك عبد الله وليست من طبريا، الموضوع بعدين بالنسبة إنت عمْ بتثير.. عمْ بتجيب معلومات للأسف الشديد يا أخ سفيان المعلومات اللي بتحكي فيها ليست صحيحة وليست دقيقة، عمْ بتيجيب لي..
د. سفيان التل: ما هو للأسف إنت بتدافع عن إسرائيل هون! يعني يؤلمني إنكم تكونوا إنتو محامين عن إسرائيل.
د. ظافر العالم: سيدي أنا أدافع عن مشروعي..
مهند الخطيب: دكتور سفيان يعني لا نريد الخوض في نقاش ثنائي هون، نريد أن نفهم بالتحديد هذا المشروع، وما هي المخاطر والفوائد والسلبيات والإيجابيات من وجهة نظر مختلفة، دكتور عزم برأيك ما الذي تريده إسرائيل تقنياً ومادياً من وراء مثل هذا المشروع؟
البروفيسر عزم الحمود: أخي مهند عودة إلى النقاش الهادئ، أركّز مرة أخرى: تاريخ صراع المياه معروف، ونعلم أدقّ التفاصيل أين ذهبت المياه وما هي احتياجاتنا، السؤال المطروح: ما هو الحل؟ نستطيع أن نتناقش إلى ما لا نهاية، الآن هنالك مرحلة قوية وجديدة ورائدة في الأردن أريد أن أسميها: “مرحلة الحزب الأكاديمي” كما تفضّل الدكتور عدنان بدران منذ أيام، مرحلة العمل، إذا استمرّينا في تسييس الأمور بتصوّري والجدل إلى ما لا نهاية والتشكيك في كل شيء سنخسر كل شيء، أضعنا كثيراً من الوقت وخسرنا الكثير، هذا المشروع هنالك حقائق ليست بحاجة إلى عشرات الدراسات، وليست بحاجة إلى العديد من الأبحاث العلمية، هنالك حقائق طوبوغرافية وجيولوجية نعلَمها، أُجرِيت العديد من الدراسات الجيولوجية ونعلم أدقّ تفاصيلها في منطقة الأردن، إذاً الدراسة الآن التي هي بحث وجاري في.. بدعم من البنك الدولي بتصوّري هي لدراسة الجدوى الاقتصادية، ماذا تريد إسرائيل؟ إسرائيل وقّعت اتفاقية سلام مع الأردن، واختيار وادي عربة لم يكن صدفة، كانت حكمة كبيرة من المرحوم جلالة الملك حسين – طيّب الله ثراه – وبالتالي..
مهند الخطيب: طيب..
البروفيسر عزم الحمود: إذا سمحت لي أخ مهند، منطقة وادي عربة منقطة غنية بالثروات، وأنت ترى الآن ماذا يحصل في دبي والخليج العربي من مشاريع كبرى يتم إدخال المياه لها وتطويرها كما تفضل الأخ ظافر، إذاً ماذا تريد إسرائيل؟ إسرائيل عليها التزامات حسب الاتفاقيات، وأعالي مياه نهر الأردن تم تحويلها، إذاً الأردن أمام بديل واحد فقط، ونستذكر ما حلّ بالبتراء منذ قرون..
مهند الخطيب: طيب، على ذكر البدائل بروفيسر عزم أود أن أطرح هذا السؤال على الدكتور سفيان التل بالتحديد: أنت ذكرت دكتور سفيان في الدراسة التي أعددتها عن هذا الموضوع أنّ الأردن يملك يعني بدائل لهذا المشروع: إنشاء محطة تحلية، إنشاء.. تنفيذ السد الأخضر، هل بالفعل يملك الأردن بدائل لهذا المشروع يمكن أن تُوفّر المنافع ذاتها؟
د. سفيان التل: 100%، البديل الأول: تحدثنا عنه وهي أنه لا نحتاج لأكثر من محطة تحلية واحدة في خليج العقبة، والأردن ماشي في مشروع مدّ أنبوب من حوض الديسي إلى عمان، فلماذا لا يُعاد تصميم هذا الأنبوب ليستوعب المياه المحلاّة من خليج العقبة ودون أن ندخل مع إسرائيل في أي شراكات جديدة وندفع 4.5 مليار دولار؟ البديل الثاني: المياه اللي بتسقط على البادية الشرقية بين الأردن والعراق حسب الدراسات يُقال أنها 8 مليار متر مكعب سنوياً، نحن نستطيع كما تفعل الدول الأفريقية المتخلفة بناء أو إقامة مئات السدود الترابية الصغيرة، حفائر، هذه السدود تجمع مياه الأمطار وتمنعها من التبخر، تغذّي المياه الجوفية، تخلق واحات خضراء في البادية والصحاري، تشجّع الثروة الحيوانية، ونستطيع أن نحصل، لو حصلنا على ثمن هذه المياه لحصلنا على مليار متر مكعب..
مهند الخطيب: إذاً برأيك هناك بدائل لهذا المشروع، بكلمة واحدة دكتور ظافر هل يملك الأردن بدائل لهذا المشروع؟ بكلمة واحدة: نعم أو لا؟
د. ظافر العالم: لا يا سيدي، هذا المشروع..
مهند الخطيب: طيب شكراً جزيلاً لك دكتور ظافر العالم أمين عام سلطة وادي الأردن ورئيس اللجنة الفنية للمشروع، مشروع قناة البحرين، شكراً للدكتور سفيان التل المستشار الدولي في شؤون البيئة، شكراً لضيفي هنا في الأستوديو البروفيسور عزم الحمود أستاذ الهندسة المدنية بالجامعة الأميركية بالشارقة والخبير في مشاريع الهندسة المدنية، مشاهدينا شكراً لمتابعتكم وإلى اللقاء في الأسبوع القادم.