الأحدث

الخبير المائي الدكتور سفيان التل: كامل مياه ناقل البحرين سيتم تحويلها للكيان الصهيوني..

سيتم استخدام المياه لإعمار النقب وتزويد منشآت عسكرية جديدة وتبريد مفاعل ديمونا

نداء الوطن: كنتم من أوائل من حذر من مشروع ناقل البحرين، وشاركتم بعشرات الندوات والمؤتمرات حول هذه القضية. لماذا هذا المشروع وأين وصلت الخطوات العملية له؟ وهل حقاً لهذا المشروع أية منافع اقتصادية للجانب الأردني؟

د. سفيان التل: الأصل في المشروع هو مشروع “إسرائيلي” كتب عنه هيرتزل في كتابه (الأرض القديمة الجديدة) الذي نشر عام 1902، وتوقع أن ينفذ هذا المشروع لصالح الكيان الصهيوني عام 1922، ووضع ثلاث بدائل (من المتوسط إلى الميت، ومن الأحمر إلى الميت).

في عام 1985، بدأت “إسرائيل” بتنفيذ مشروع البحرين بين البحر المتوسط والميت منفردة، فواجهتها الحكومة الأردنية والدول العربية بالمحافل الدولية، ووقفنا ضد هذا المشروع، وكنت آنذاك مديراً للمياه. وانتزعنا قرارات من الأمم المتحدة لإيقافه.

الكيان الصهيوني توقف عن هذا المشروع بعد أن بدأ بتنفيذه بحجة أنه غير مجدي اقتصادياً وكانت التكلفة بحدود مليار أو أكثر بقليل.

ثم بدأ التحول بصورة سرية بالتفكير من البحر الأحمر إلى الميت، وبتقديري في ذلك الوقت لهذا التحول بأن الكيان الصهيوني يبحث عن ممولين ويقطف هو الثمار بدون أي تكلفة، وعندما بوشر بفكرة الأحمر-الميت بوشر به سرياً، وكانت الأردن تبحث هذا الموضوع مع شركات أمريكية ثم بعد ذلك أعلن للعلن، وقامت الأردن والكيان الصهيوني بعد أن أعلنوا عنه في المؤتمر الدولي للبيئة في جوهانسبرغ عام 2002، ثم كلّفوا البنك الدولي بعمل دراسات وكانت إلى حدٍ كبير غير مجدية اقتصادياً، وتوقف هذا المشروع. ثم انتقلنا الآن إلى ما سمي بناقل البحرين، وقد عملنا دراسات وألقينا محاضرات بهذا الخصوص.

مشروع ناقل البحرين كما تنبأت به، هو عبارة عن محطة تحلية فقط لا غير، تقام شمال منطقة العقبة وتكون تمديداتها بالكامل على الأراضي الأردنية، وستكون كامل مياهها بالنتيجة إلى الكيان الصهيوني، وخلافاً لما يعلنه رئيس الحكومة ولما يعلنه وزير المياه، ستكون المياه بالكامل إلى الكيان الصهيوني. وسيستفيد الكيان الصهيوني منها لإعمار النقب وتزويد منشآت عسكرية جديدة وكليات الاستخبارات وتبريد مفاعل ديمونا من هذه المياه.

والكارثة في هذا الموضوع، أن نظام الحكم الأردني والحكومات الأردنية يعلن بأن الأردن فقير بالمياه، ويقومون بتدمير كل الآبار التي يحفرها الشعب الأردني بحجة أن الأردن فقير بالمياه.

كما أعلنوا أن المحطة وهي مرحلة أولى كما قيل، أعلنوا أنه سيتم بيع المياه بسعر التكلفة للكيان الصهيوني، وبحدود 50 – 60 مليون متر مكعب وسيبقى للأردن 30 مليون متر مكعب بالاتفاق يقال أن الــ 30 مليون متر مكعب ستضخ إلى منطقة العقبة. الفكرة من هذا، أن المياه ستذهب إلى إيلات، لأن هناك بالاتفاقية نص آخر مهم جداً يقول بأن لإسرائيل الحق بزيادة حصتها من المياه الواردة في الاتفاقية وعليها تبليغ الأردن وعلى الأردن أن يستجيب.

الاتفاقية بقيت سرية وتم تسريبها إلينا ومتوفرة.

نداء الوطن: هل يمكن للدولة أن توقع على اتفاقية وتقول بأن هذه الاتفاقية سرية ولا نستطيع الإعلان عنها؟

د. سفيان التل: طبعاً هذا مخالف للدستور، والحكومة تصمت عندما قلنا لهم نتحداكم أن تزودونا بالاتفاقية، ولم يزودونا بها، ونتحداكم أن تعرضوها على مجلس النواب، ولم يعرضوها على مجلس النواب.

المادة الدستورية تقول: أن الاتفاقات الدولية التي لها مساس بحقوق الأردنيون ومصالحهم والسيادة يجب أن تناقش في مجلس النواب، ألغوا أي تفسير وقالوا لا ضرورة لعرضها على مجلس النواب. والنواب حالياً حتى يرفضوا مقابلة لجنة التطبيع لمناقشة الدراسة التي قدمتها بهذا الخصوص.

المشروع طرح عطاء للتنفيذ، وأعلن بالصحف، والدول المشاركة في هذا المشروع، في هذه الاتفاقية تم استثناء السلطة الفلسطينية، علماً أن المفاوضات على قناة البحرين بقيت على ثلاثة أطراف، الأردن والسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وعند توقيع الاتفاقية استثنيت السلطة 100% ولم يذكر لها أي اسم، وعندما سألنا دولة الرئيس ووزير المياه، قالوا أنه تم إعطاء حصة من المياه للسلطة عن طريق إسرائيل التي ستعطيها هذه الحصة، وسألناهم هل تثقوا بأن إسرائيل ستعطي السلطة الفلسطينية حصتها من هذه المياه؟ ولماذا لم تعطوها مباشرة إذا كان للسلطة الفلسطينية جزء من هذه المياه؟

نداء الوطن: في ظل أزمة المياه التي يعاني منها الأردن، هل معاهدة وادي عربة أنصفت الأردن في موضوع المياه أم أنها انحازت بالكامل للكيان الصهيوني؟

د. سفيان التل: معاهدة وادي عربة فيما يتعلق بالمياه، الأردن خسر كل حقوقه المائية في هذه الاتفاقية، فأولاً ليس للكيان الصهيوني حقوق كونه كيان محتل للأرض الفلسطينية، ولكن لنفترض أنهم دولة والأردن اعترفت بهم ووقّعت معهم اتفاقية، الاتفاقية فضحت الأردن كيف تنازل عن حقوقه المائية للكيان الصهيوني وهذه بعض الخطوط الإستراتيجية بدون الخوض في التفاصيل:

أولاً: لم تتعرض الاتفاقية لا من قريب ولا من بعيد لتحويل مجرى نهر الأردن نهائياً لم يرد أي نص على ذلك، والذي قامت به إسرائيل منذ زمن بعيد وحولت مجرى نهر الأردن من شمال بحيرة طبريا وأدخلت الخط الوطني المسمى ناقل المياه من مصادر نهر الأردن، وذهبت كل المياه إلى الكيان الصهيوني المقررة إيصالها إلى النقب.

ثانياً: اتفاقية وادي عربة فضحت ما يلي وكان مكتوماً، في عام 1967، دخل الكيان الصهيوني على الأراضي الأردنية، وليس الفلسطينية، واحتل منها ما يزيد عن مساحة غزة بقليل، وحفر بها آبار مياه في وادي عربة وبدأ يضخ المياه مناطق الغمر وغيرها، وبعض الجيولوجيين يقولون بأن هذه الآبار مرتبطة في الأعماق مع حوض الديسي وكان الصهاينة يضخون هذه المياه لهم، والأردن صمت عن هذا، ولم يعترض ولم يحتج لدى الأمم المتحدة ولم يعلن أن الكيان الصهيوني محتل أراضي أردنية، هذا معناه أنه كان هناك اتفاقاً ما سري لم نعرف عنه حتى اليوم، أو دفع ثمن ذلك. هذه الأراضي تقع جنوب البحر الميت، بقي هذا الموضوع مكتوماً من 1967، إلى أن وقعت اتفاقية وادي عربة عام 1994، (37) عام وهم يضخوا المياه من الآبار دون أن يعلن عن ذلك، ثم جاءت اتفاقية وادي عربة لتكرّس وتفضح ذلك، وتؤكد أن هذه الآبار ستبقى لإسرائيل وستبقى إسرائيل تضخ المياه منها وعلى الأردن حمايتها وحراستها وتأمين دخول وخروج الإسرائيليين.

ثالثاً: أن نهر اليرموك في الاتفاقات الدولية هو حد بين الأردن وسورية، ويخضع في الاتفاقات الدولية لمجاري المياه المائية وليس للكيان الصهيوني حق فيه، لأنه يصب في مجرى نهر الأردن، وهذا الجزء هو محاذي للضفة الغربية، وليس للكيان الصهيوني. إذن ليس للكيان الصهيوني الحق في قطرة واحدة من مياه اليرموك.

اتفاقية وادي عربة أعطت الكيان الصهيوني 25 مليون متر مكعب سنوياً، 13 مليون في فصل الشتاء، و10 مليون في فصل الصيف، مقابل إعطائهم من مياه بحيرة طبريا، لكن في سد اليرموك كانت المياه أردنية سورية، وهذا ما دعا سورية في ذلك التاريخ لإقامة حواجز مائية في أراضيها، لمنع تدفق المياه لليرموك حتى لا تأخذها إسرائيل، ولم يرد في الاتفاقية أي بند على سنوات الجفاف، يعني يجب دفع 25 مليون، والسد منذ أن بُني وحتى عام أو عامين، لم يجمع شيئاً هذا الرقم من المياه، ولم يكن بقدرة الأردن توفير هذا الرقم، وهذا معناه، بأن كامل مياه السد كانت لإسرائيل، والنقص اعتبرته إسرائيل مديونية مائية على الأردن، وأصبحت تفاوض على المياه التي تأتي من طبريا إلى الأردن (50 مليون غير محلاة… إلخ) وأصبحت تخفض إسرائيل من كمية هذه المياه لسداد الدين المائي.

بحيرة طبريا، هنالك بنود تقول بأن الأردن يخزن مياهه من الأمطار في بحيرة طبريا، وإسرائيل فرضت على الأردن أن تأخذ حصة من الأمطار التي تسقط على الأراضي الأردنية، وهذا وضع كارثي، بحجة أن إسرائيل تعيد إعطاء المياه للأردن وقت الحاجة.

نداء الوطن: ما هي حقيقة الصخر الزيتي في الأردن، وما هي جدوى استخراجه في ظل انخفاض أسعار النفط؟

د. سفيان التل: الجنوب مليء بالصخر الزيتي وكانت هناك العديد من الدراسات، ولا نحتاج إلى مناقشة، إن الصخر الزيتي ثروة وطنية قومية ولكن ممنوع علينا استخراجه، وهناك العديد من المحاولات هي فقط لامتصاص غضب الشارع الأردني.

وهناك أكثر من دولة استخرجت الزيت الصخري واستفادت منه، والأهم من الصخر الزيتي هناك الطاقة الشمسية ومنذ 20 – 30 عاماً ونحن ندعو لاستغالها، وخصوصاً أننا نقع في منطقة سطوع الشمس فيها من أحسن مناطق العالم، ومع ذلك عندما يسنون القوانين، يقومون بسنّها لتستفيد فئة محدودة من هذا المشروع وبأسعار خيالية. وهناك دراسات تقول بأن سعر الطاقة الشمسية وصلت إلى 5 فلسات إلى الكيلو واط الواحد في بعض البلدان، وعند البيع يبيعونها بأسعار خيالية.

نداء الوطن: فيما يتعلق بملف الخصخصة، هل ترى أن الحكومات الأردنية أدرات هذا الملف باقتدار وبعيداً عن شبهات الفساد؟ وهل تعتقد بأن الخصخصة ساهمت إيجاباً على المستوى الاقتصادي؟

د. سفيان التل: أولاً ما هو الهدف الإستراتيجي الدولي للخصخصة، هو بيع وفكفكة الأردن كدولة كما أعلنا سابقاً، وذلك للحل الإستراتيجي الذي ينفّذ حالياً في أرجاء الوطن العربي، والذي لا يجوز بأي حال من الأحوال بيع هذه الشركات السيادية (المياه، الاتصالات، الكهرباء… إلخ) حتى عندما بيعت أين هي أموالها؟ عندما أبيع مؤسسة اتصالات بالمليارات، أين هي الأموال؟ هل يعقل أن أبيع الميناء مع أراضيه، ثم أضع في اتفاقية البيع، أن على الحكومة الأردنية أن تنقل كل مخلّفات الميناء كاملة، وكل ما أعلن عنه من ثمن بيع الميناء لا يوازي ثمن نقل المخلّفات من الميناء نفسه، هذه صفقات فساد وكأن الذين اشتغلوا عليها كانوا يعرفون أنهم مجموعة من الفاسدين وضعهم مؤقت ويجب أن يرحلوا من هذه الديار، فباعوا الجمل بما حمل، وهذا شمل كل مؤسسات الدولة.

وهناك فضيحة كبيرة أخرى بأن البتراء قد بيعت، وهذه قضية سيادية ولم تتحرك الأردن باحتجاج واحد ولم تعلن عن المشتري، وأعلنت عن البيع، وكل ما تنشره الصحف الآن عن بيع التعزيم والبيع الآجل آلاف مؤلفة من بيع الأراضي والشقق والسيارات المرخصة والعربات بالخيول بيعت بيعاً آجلاً لسماسرة، والحكومة لم تعلن لمن باع السماسرة، بيع التعزيم هو عبارة عن جهات خارجية استخدمت أشخاص معينين لشراء الأرض وامتلاكها عبر سماسرة بطريقة غير مباشرة.

تماماً كما كانوا يتعاملوا مع سماسرة فلسطين، والمثبت واضح فلتقل لنا الأردن من الذين اشتروا الأراضي من السماسرة؟ العملية مستمرة منذ ثلاث سنوات، والسمسار الواحد كان قد أعطى مئات الشيكات الآجلة وأخذ الأراضي وكان يدفع أمواله بالوقت المحدد، السؤال لمن باع؟ العملية واضحة جداً أشتري لآجل لإنه في طرف يعطيني النقود فأذهب وأبيع له أسجل له في بلد آخر، المشتري في الخارج يريد أن يري العالم بأنه هو الذي اشترى البتراء، فأوقف الدفع حتى يعمل فضيحة ويعلم العالم بأنه هو الذي اشترى. هذه قضية بمنتهى الخطورة تماماً كما سماسرة فلسطين باعوا الأراضي.

نداء الوطن: ما هي المشاكل البيئية المصاحبة لإنشاء مصانع الإسمنت، ولماذا الإصرار الحكومي على صناعات الإسمنت؟

د. سفيان التل: باختصار كان لدينا مصانع إسمنت تكفي الأردن، والإسمنت من الصناعات الملوثة، إذا لم يتم السيطرة عليها سيطرة تامة 100%، الكيان الصهيوني أعلن في فترة من الفترات عن منع الصناعات الملوثة نتيجة الاكتظاظ السكاني، ومنها صناعة الإسمنت، ولأنه بحاجة إلى الإسمنت وبكميات للاستمرار في بناء المستوطنات وجدار العزل العنصري، علينا أن نستنتج، لماذا سمح بإقامة مصانع كثيرة في الأردن.

نداء الوطن: هل هذا يعني أن الكيان الصهيوني لا يوجد فيه مصانع إسمنت؟

د. سفيان التل: الكيان الصهيوني أعلن عنه أنه خالي من الإسمنت، لا أدري بالتفصيل، ولكن هذا الإعلان قديم وبعدها قامت مصانع الإسمنت تقام في الأردن، وهناك بعض الرموز الفلسطينية اتهمت بتوريد الإسمنت لبناء الجدار العازل.

الهدف منها سياسة صهيونية غربية، “أترك البلدان المتخلّفة تنشأ الصناعات الملوثة، ونحن جاهزون أن نشتري هذا الإنتاج لعشر أو عشرين سنة”، ونموذج الإسمنت ونموذج الألمنيوم، والألمنيوم ملوث كبير، ولدينا مصنع في منطقة البقعة، وقد يكون لوّث كل حوض البقعة، وطالبنا بمنع قيام الصناعات الملوثة في أراضينا، وإذا أقمناها يجب أن تقام تحت شروط وأنظمة مشددة.

رابط المقابلة الصحافية: هنا.