الأحدث

إذاعة صوت روسيا – لماذا تريد السعودية امتلاك برنامج نووي خاص بها؟

حوار مع الخبير الإستراتيجي الدكتور سفيان التل

أجرى الحوار: نواف ابراهيم

نصّ الحوار:

سؤال: دكتور سفيان، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن سعي السعودية لامتلاك برنامج نووي خاص بها، وتشير تقارير غربية بأنّ السعودية في سعيها هذا ستلجأ إلى استقدام الخبرات الباكستانية، والسؤال هنا لا يتعلق بالجانب التقني، بل بالجانب السياسي من عدة أوجه، فما هي أسباب الحماس السعودي المفاجئ لامتلاك هذا النوع من البرامج؟

جواب: في الحقيقة هو حماس سعودي وخليجي، وكل دول الخليج العربي الآن بدأت تتحمس لشراء المفاعلات النووية لسبب واحد أنّ الدول الأوروبية بدأت تنتقل من البرامج النووية إلى برامج الطاقة المتجددة أشعة الشمس، وشكلوا لهذا الغرض شركة برأس مال 400 مليار دولار كبداية لجمع الطاقة الشمسية من الصحاري العربية التي هي أكثر موقع في العالم لاستقبال الشمس، ونقل الكهرباء المنتجة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، وهنالك برنامج لوضع محطات كثيرة في الجزيرة العربية وفي الشمال الإفريقي، وبالتالي فالدول الأوروبية مهتمة الآن بالبحث عن دول تبيعها ما تبقى لديها، وبأسعار غالية جدا، إذ إنّ الأسعار ارتفعت ارتفاعا فاحشا بعد هذا القرار، وستدفعها الجزيرة العربية ودول الخليج العربي والأردن التي ستشتري أيضا مفاعلات نووية.

سؤال: دكتور سفيان، هنا الموضوع يبتعد قليلا عن موضوع الطاقة السلمية والكهرباء، ونحن نعلم أنّ باكستان عندما أنشأت برنامجها النووي لم يكن ذلك ليتم دون ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، ومعروف أنّ هذه الخطوة جاءت في سياق الصراع الباكستاني الهندي، فهل تملك الرياض قرارها المستقل بهذا الشأن؟

جواب: القرار بالتأكيد ليس مستقلا، وهي تماما كمواضيع شراء الأسلحة التي تفرض على دول الجزيرة العربية؛ السعودية والدول الخليجية كلها لشراء أسلحة لا يمكن أن تستعملها في أيّ يوم من الأيام، وتبقى هذه الأسلحة تحت سيطرة القوات الأمريكية وتستعملها هي في الوقت التي تريد. من العجب العجاب في الموضوع التقني أنّ الطاقة في الجزيرة العربية كلها ودول الخليج العربي هي أرخص طاقة في العالم كله؛ لأنّ الكهرباء المنتجة تنتج من محطات تحلية المياه التي لا بدّ من وجودها، فمحطات التحلية هي لعمل مزدوج، تحلية المياه وإنتاج الكهرباء، ورخص سعر الكهرباء على درجة من البساطة أنّ الحكومات لا تقوم بجمع الأسعار والناس منذ عشرات السنوات لم يدفعوا ثمن الكهرباء، تكاد تكون مجانية، فلماذا تتحول هذه الدول من دول منتجة للطاقة إلى دول مستوردة للطاقة. وبالتأكيد في المفاعلات النووية لن يكون لديهم برامج لتخصيب اليورانيوم وسيشترون اليورانيوم وسيدفعون مبالغ باهظة لقاء ذلك إلى الولايات المتحدة والعالم الغربي.

سؤال: دكتور سفيان، هذا مفهوم ولكن اليوم أعلن عن توقيع اتفاق تاريخي بين إيران ومجموعة 5+1، وأبرز بنود هذا الاتفاق هو رفع كافة أشكال العقوبات عن إيران، والاتفاق على درجة تخصيب اليورانيوم. فبرأيك كيف سينعكس هذا الاتفاق على مطامع السعودية بخصوص البرنامج النووي، وحتى لا تشتري هذا اليورانيوم بأسعار باهظة كما تفضلت؟

جواب: الحقيقة كما قلت أنت ليس للمملكة العربية السعودية بهذا الخصوص قرار مستقل، والآن بوادر الخلاف بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة مردّه نقطتان، النقطة الأولى؛ هو الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية على البرنامج النووي الإيراني، لأنّ الولايات المتحدة تفكر بمصالحها، والولايات المتحدة خسرت خسائر باهظة في فيتنام وفي الصومال وفي العراق وفي أفغانستان، وبعد أفغانستان فإنّ الولايات المتحدة تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، واحتاجت إلى دعم الكونغرس ومناقشته في وضع سقف المديونية، والولايات المتحدة أكثر دولة مديونة في العالم، ولا تستطيع الدخول في حرب مع إيران بالتأكيد، ولذلك كان لا بدّ من عمل اتفاقية تصل هي وإيران إلى منتصف الطريق، وهذا يجعل ثقة المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة ليست كما كانت سابقا، ويؤكد أنّ الولايات المتحدة تنظر إلى مصالحها بالدرجة الأولى وإلى مصالح حلفائها.