الأحدث

ما قصة الحمد لله على السجون؟ رد سفيان التل على عمر أبو رصاع.

رد الدكتور سفيان التل على ما كتبه عمر أبو رصاع:

عزيزي عمر أبو رصاع

قرأت ما كتبت وكل التعليقات.
أنا جربت سجن ماركا وسجن الجويده ولفترة أيام وليس لسنوات كحالكم.
ورغم أنني عوملت من القائمين على السجن ومن المسجونين معامله خاصة، إلا أنني أؤكد أن كل ما كتبته أنت عن السجن صحيحا.
وأنا شاهدت في السجن ما لم تكتبه أنت وما أترفع عن ذكره هنا.
الذين لم يستحوا بالكذب ما زالوا يصرون على أن ابورصاع والطواهيه وصندوقة والتل … وغيرهم ليسوا سجناء سياسيين، ويسجنونهم مع المجرمين والقتلة في نفس الزنزانة، ولكنهم يكذبون أنفسهم عندما يوجّهون لنا تهمة
“تقويض نظام الحكم”
فهل هذه تهمة سياسية أم لا؟
لو عودونا على الصدق لصدقناه ولكنهم قوم يكذبون.


مرفق: ما كتبه الأستاذ عمر أبو رصاع:
ما قصة الحمد لله على السجون؟!

ادناه منشور انتشر فجأة وتداولته بنفس الصيغة أو صيغ معدلة عدة حسابات (….)
المهم المنشور يدعو إلى الحمد على النعمة التي الأردنيون فيها لأنه وحسب المنشور وعلى خلفية ما رأيناه في سجون سوريا على الإعلام هذا حال سجون الاردن.

أقول أولاً وكمعتقل تنقل بين أربعة سجون وقضى قرابة ثلاث سنوات سجن فيها، المعلومات غير دقيقة في اقل مستوى من الوصف، أبسطه أن الحصول على سرير في السجون شبه مستحيل وقد تقضي أشهراً وانت تنام على الأرض وربما سنة قبل أن تحصل على سرير، وفي العديد من الغرف تنام ليلة واحيانا عدة ليالي على كرسي قبل أن يتوفر لك مكان على الارض تندس فيه وتنام، ببساطة عدد المساجين هو قرابة ضعف عدد أسرة السجون، والسجون تكاد تنفجر من كثرة الاعداد، والذين يفترشون الأرض أكثر من الذين ينامون على اسرة، فما هو الهدف من هذا الادعاء غير الصحيح؟
الطعام سيء جدا ولا يمكن أن يصل إلا باردا، طبعا صالات الطعام ملغاة والسجين في غرفته يأكل وينام ويعيش كله في اقل من متر مربع، وفي كل السجون يقوم السجناء بتصنيع سخانات من أقطاب كهربائية ويعيدون انتاج تلك الوجبات حتى تصبح صالحة للأكل الآدمي، عن طريق وضع الطعام في أكياس بلاستيكية وتحسين طبخها بإضافة البهار والصلصة والدهن، وطهيها بواسطة تلك السخانات في براميل ماء حتى تؤكل.
الطعام غير كافي لذلك يحتاج السجين إلى مصروف لشراء الطعام، ويتحمل ذوي السجين تكلفة شهرية تتراوح بين ١٥٠ و ٣٠٠ دينار بالمتوسط، فهو بالإضافة للطعام بحاجة لشراء ملابس إذ لا يحصل السجين على أية ملابس إلا إن اشتراها، وإلى شراء بطانية، وحتى الشاي أو القهوة أو أي مشروبات بما في ذلك الماء يشتريه السجين من ماله، حتى مواد تنظيفة الشخصية ولللغرف والمرافق…الخ من احتياجات الغرف والسجين للنظافة تشترى من أموال السجناء انفسهم، بل يصل الأمر إلى تقاسم نفقة العناية بسجين مشلول أو عاجز والدفع لأحد المساجين ليقوم على رعايته.
اغلب المساجين معدمين ويطلق عليهم داخل السجون اسم “حرافيش” والحرفوش مضطر للاستجداء لكل شيء الطعام والشراب والسجائر وبشكل يصبح مزعجاً ومحزن في نفس الوقت، وللخدمة مقابل أجر لبقية السجناء، أو البلطجة أو (استغفر الله العظيم) !

قصة التأهيل هذه خرافة، وفرص العمل التدريبي المتوفرة لا تكفي ل ٤-٥٪ من المساجين بالحد الاقصى، والسجين يقضي أكثر من ٩٠٪ من الوقت داخل الغرفة المكتظة جدا، وإذا حسبنا المساحة على عدد المساجين في الغرفة غالبا حصة السجين من متر إلى مترين مربعين فقط لا غير، لدرجة أنك تضطر لأداء صلواتك اغلب الوقت على السرير لانك لن تجد مكان تقف وتصلي به فتصلي على السرير أو حتى وانت مستلقي في فراشك.
أما الساحات فهي بنفس مساحة الغرفة مع فرق وحيد هو أنها مكشوفة من الاعلى، يعني زنزانة كبيرة بدون سقف، وفي بعض السجون كانت تمر اسابيع احيانا دون أن نخرج إليها.
المرافق الصحية كارثة وهي بالمناسبة نفسها التي تتم فيها عملية الطبخ باستخدام السخانات!
تصوروا مثلا غرفة يصل عدد السجناء فيها إلى السبعين سجين فيها فقط دش واحد ومرحاضين فقط لا غير!
والمراحيض والدش لا باب لها وانما ستارة، فأنت تقضي حاجتك شبه مكشوف وممكن أن يدخل عليك اكثر من شخص أثناء ذلك.

طبعا المراحيض نظام عربي في كل السجون، وهذا يسبب معاناة رهيبة لكبار السن وغير المعتادين عليها، شخصيا كنت اقضي ربع ساعة في عملية تنظيف المرفق كلما قررت دخوله بالدلو والمياه والصابون حتى أتمكن من استعماله!
هذا فضلا أن انتشار الحشرات والصراصير، والبق بالذات في جميع الغرف التي أسرتها من الخشب.
كما تعاني اغلب السجون من انقطاع المياه، بدرجات متفاوتة تصل الأمور في بعض السجون إلى درجة تعبئة الماء والاحتفاظ به لاستعماله عند دخول الحمام.
يتعرض اغلب السجناء من غير ذوي الاسبقيات للابتزاز المالي، والخوات تحت عدة مسميات من مثل “نحن هنا حال واحد” يأخذون زيارته ثم يعطونه مصروفه منها!

وإذا رفض يمكن طرده من الغرفة أو ضربه وتهديده…الخ
تصر إدارة السجون على عدم تصنيف السجناء في الغالب، يعني الغرف فيها محكوم اعدام وسياسي ومخدرات ولص ومغتصب ومالية وإدارية وشاب وكهل …الخ مع بعضهم البعض وهذا بحد ذاته مشكلة وكارثة من أكثر من جانب.
المصنفون الوحيدون في غرف لوحدهم هم ابناء الجماعات المتطرفة وهؤلاء يحصلون على أحسن معاملة في سجون الاردن بشكل عام.

الزيارات كارثة لوحدها، أنا شخصيا لم احصل على تصريح زيارة خاصة إلا بعد ثلاثة عشر شهرا بالتمام والكمال، ولم ارى بناتي مطلقا، والزيارات المعتادة قصيرة جدا لا تتعدى ربع ساعة، فيما ينتظر ذوي السجين أكثر من ساعة في الانتظار ليقابلوه ربع ساعة، ويتعرضون لتفتيش شخصي مسيء رغم أنهم يرون سجينهم من وراء الزجاج ويكلمونه بهاتف، فلا نعلم لماذا هذا التفتيش الدقيق والشخصي؟!
المكالمات كارثة اكبر، في بعض السجون مرة واحدة في الأسبوع وأخرى مرتين، ومدتها ٧ دقائق فقط لا غير، وعليك أن تشتري بطاقة على حسابك، ولا وقت محدد لها هكذا فجأة دوركم بالمكالمات، صباحي مسائي اليوم غدا لا موعد للمكالمات وتتغير عشوائياً ممكن تحكي الساعة ٩ صباحا وممكن ١١ مساء!
مرتب السجن لا يمارس عنف بدني، ولكن في كل سجن توجد قوات تسمى “التدخل السريع” عبارة عن مبرقعين بهروات جاهزين للانقضاض في أي وقت، وهذا يحدث كثيرا وتقع فيه إصابات وربما تطال أناس لا ناقة لهم ولا جمل، لأنهم عندما ينقضون بعنف على غرفة لن يميزوا بين هذا وذاك.
هذا غير تفريغ الغرف وتفتيشها وبعثرة كل ما فيها في أي وقت دون تمييز، تجد نفسك هكذا واقف خارج الغرفة حتى ينتهي التفتيش.

ومعاناة رهيبة اسمها العدد، خاصة هذا الذي يجعلونه في جوف النوم الساعة ٣ صباحا يتم ايقاظك واخراجك لعدك، وممكن مرة ومرتين واربع حتى يثبت العدد، لا اعلم سر الاصرار على أن يكون في هذا التوقيت السيء جدا، فهو نوع من التعذيب غير الإنساني.

كانت عندي اكثر من معاناة منها مثلا منع دخول الكتب إلي، وهذه بالنسبة لي شخصيا كارثة ولا اعلم ما الذي يضيرهم في أن تدخل لي الكتب التي اطلبها واقرأها؟! إلا إن كان الهدف هو ايذائي وهو ما ارجح.
منها منعي من الكتابة وذلك بتمزيق دفاتري أثناء النقل ومصادرتها، حتى عندما خرجت طلبوا مني تمزيق اي شيء كتبته في السجن!
مما اضطرني لإخراج ما اكتب عبر المساجين.
حتى المحامي لا يسمحوا له بالجلوس معك ويفرض أن يلتقيك عبر الزجاج والهاتف، طبعا بديهي أن كل المكالمات مسجلة.
الكثير عن سجوننا وهذا فيض من غيض.
الأهم لماذا اساسا يسجن اغلب من هم في السجون؟!
أزعم أن غالبيتهم يمكن تقيد إقامتهم في مناطق معينة أو البيوت، واستخدام الخدمات الاجتماعية بديلا، خصوصا أن السجون في حالة عدم التصنيف الموجود هي عمليا مدارس للجريمة وليست للإصلاح.

عندما تعيش في دولة تحترم أبناءها تختفي السجون فعليا، ويسود العدل، وتحل عقوبات مختلفة عند الضرورة وآخر ما يمكن التفكير فيه هو السجن.
لا أذيع سرا عندما أقول إن جل المجرمين الموجودين الان في السجون هم في الأصل ضحايا مجتمع، ضحايا الفقر والجهل والمرض، والتفكك الاسري، وغياب الدور المجتمعي.
أما أن يصبح نظام عصابة الأسد مقياس فبالتأكيد عليك أن تحمد الله على الجحيم نفسه، ولذلك الحمد لله على كل حال.

نص البيان المنتشر

“السجون الاردنيه
سرير مستقل لكل شخص وشاشات تلفاز
٣ وجبات يوميٱ . دخان والعاب للتسليه ومن يحب أن يكمل دراسته يستطيع وزيارات ٣ مرات بالاسبوع وما حدا بداخلها الا يكون مخطئ بحق الآخرين أو بحق العام
ومحامي وهواتف شبه يوميه على الأهل وتدفئة مركزيه وتكييف ومباريات وانشطه وتعليم حرف ومهن
ومعاملة ولا افضل لا يستطيع شخص مجرد لمس سجين وجميع المرتبات إخوة للمساجين يعاملونهم بكل احترام

واللي بنسجن وعنده عيله واولاد ما الهم دخل يتم صرف راتب لهم من المعونه الوطنيه

عندما تعيش في دوله تحترم ابنائها فإنت بنعمه تستحق الحمد ….”




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *